الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
نطق الشهيد وقال إني خالـــــــدٌ أحيا على عرش الزمان سفيراً
أروي التراب ولا أبارح موطني وأنام في عين الخلــــود قــريراً
كلمات لم تأت من عبث، كان سفيراً للكلمة الطيبة في المنابر والمحافل الشعبية، ومجالس عزاء الشهداء، بلسم جراح الجرحى، فعرف كخطيبٌ ومحدثٌ ولد في بيت مترع بالعلم والثقافة، انتقل من ضابط مقاتل بالبندقية إلى شاعر يفيض بالحب، ليثري الأدب مؤخراً بمجموعتين شعريتين إنه الأديب حسن علي أحمد “كتوب” بعنوان “لحن القرب” و”صهيل وهديل”، غازل بها الوطن، وحاكى الجريح والشهيد.
تناول الدكتور عصام الكوسا مجموعته “لحن القرب”، قائلا: جميل أن تلج بين الفينة والفينة هالة من ضياء، لتبدد الظلمة التي غمرت ليالينا الطوال، هذه الهالة قد تصنعها كلمات من صاحب إحساس مرهف، آلمه ما يكلّ بوطنه مولدَّ النور.
الشاعر حسن علي أحمد في مجموعته الشعرية “لحن القرب” ضمت ثلاثاً وثلاثين، قصيدة من الشعر الموزون، يجمعها خيط ملائكي مغزول من حب الوطن أرضاً وإنساناً.
وأضاف الكوسا: إن قصائده كلها تعبر عن انحيازه إلى وطن أثقله الإرهاب، فألقى ظلالا حالكة خيمت في سمائه، فلم يكتف الشاعر الفارس بالذود عنه بالرصاص، فأشرك القلم بما يحمله من أحاسيس مرهفة ليعيد للوطن بسمته وللأرض خضرتها، فقال في قصيدته “لحن القرب” التي جعلها عنوان مجموعته:
وسبيلنا وهو الوحيد أظنه أن نرتقي فوق المصائب والنوابْ
ونعود أحباباً كما كنا معاً في لفظنا حلو التخاطب كالرطبْ
أكد الشاعر على هويته السورية الجامعة لكل أبناء الوطن، قدم لنا الشاعر صوراً متنوعة لبطولات جيشنا الباسل، التي عاينها عن قرب، مازجاً تجربته الشخصية بمداد قلمه.
أشار الشاعر حسن إبراهيم سمعون إلى لغة الديوان البسيطة المألوفة، بدالات مباشرة، دون تهويم وانزياحات، وكانت أقرب للغة الاحتفالية المنبرية، ومن العوامل التي ساهمت في تشكيلها، خصوصية معظم النصوص، وارتباطها بأحداث ومناسبات واقعية، بإرهاصات الحرب المجنونه.
مشيراً بأن الشاعر من عائلة عريقة ثقافياً وفكرياً وروحياً ووطنياً، فلكل شاعر من بيئته نصيب.
“صهيل وهديل”
أما الديوان الثاني الشاعر كتوب ” صهيل وهديل”، تحدث عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة البعث الدكتور “نزار عبشي”، قائلاً: منذ اللحظة الأولى وبنظرة سريعة إلى العتبة النصية والعنان “صهيل وهديل” يلفتك الثنائية الضدية المضمرة “صهيل” هذه الكلمة التي تشير إلى رحى الحرب، حيث يكثر فيها صهيل الفرس، ثم لفظه “هديل” “صوت الحمام ” رمز السلام والمحبة، فثمة عنصر تشويق وإثارة يدفعك إلى الغوص في غمار هذا الديوان، لترى كيف جمع الشاعر بين هذين الضدين المتناحرين ” حرب وسلام “.
وأشار عبشي بأن بوح الشاعر ليس كأي بوح وإحساسه ليس كأي إحساس، فبوحه كان صداحاً وطنياً متمسكاً بجذوره إلى أعمق الأعماق، وإحساسه كان مرهفاً رقيقاً يلامس نبض القلب، ووحدة الروح ودفقة الدم.
اما الأديب الدكتور وليد العرفي، فقال: إن ديوان الشاعر نتاج قلم مبدع، يختصر مسيرة إنسان عاش الحياة وخبرها في جانبيها العسكري الذي جنَّد نفسه فيه، والثقافي الذي نهل من معينه عبر روافد حضارة، وتعدد مصادر معرفية، وهو شاعر مطبوع بالفطرة، فشاعرنا من بيت يقرض الشعر، ويعشق الكلمة، فوالده الشاعر الراحل الشيخ علي أحمد كتوب، كان شاعراً وقد صدق في التعبير عن ذلك، بقوله:
فصناعة الشّعر الجميل سجيّة تحظى بها مادام حرفكَ مبضعك
واعبر إلى ساح البيان مجاهدا والــو ذراع الحرف حتّى يتبعك.