قد تكون تأخرت قليلاً فكرة دمج الشركات ذات الاختصاص المتقارب، إلا أن المهم أننا بدأنا بما أن “رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة” كما يقال.
الحكومة وجهت بالدراسة في جلسة الثلاثاء الماضي، وحسبنا ألا تطول الدراسات والتدقيق كثيراً، بما أن الشركات الجاهزة للدمج تعلن نفسها وليست بحاجة إلى كثير جهد للبحث عنها وتحديدها.
فاستمرار مثل هذه الشركات بواقعها الراهن – المستقل – هو إمعان في الهدر وتبديد الموارد، إذاً يكفي أن ننظر إلى النفقات الإدارية التي تستوجبها الهيكلية التقليدية في كل شركة، لنقتنع بضرورة الإسراع بإنجاز المشروع.
وتوخياً لمزيد من المرونة في إنجاز فكرة الدمج، لابد أن نوسع الدائرة أكثر ولا نقصر هدفنا على الشركات، بل في قطاعنا العام مؤسسات كبرى متشابهة بحاجة إلى دمج، يحقق دمجها عائداً اقتصادياً مجزياً، لأن هياكلها العملاقة ترتب متطلبات ونفقات باهظة، ولا سيما أن “التشرذم الإداري” لا يخدم الأداء بل يشتت بوصلة العمل التي من المفترض أن تكون واحدة، ومعظمنا يعلم بعض تفاصيل التنازع بين إدارات هذه المؤسسات على جبهات العمل، وفقاً لمصالح مختلفة هي في الغالب مصالح ضيقة لا استراتيجية كما يفترض.
الأهم كما نظن هنا في مثل هذه السيرة، أن في قطاعنا العام مؤسسات من المفترض إلغاؤها لا دمجها بأخرى متقاربة من حيث الاختصاص، ويكفي أن تكون مجرد مديريات في الوزارات التابعة لها، خصوصاً إن كانت هذه المؤسسات تقوم بدور مجرد مقاول أو وسيط لتأدية أعمال لصالح وزارتها أو الحكومة، وليس بحوزتها أي معدات كما يملي اختصاصها، إلا سيارات كوادرها الإدارية كمؤسسة، مع ما يستوجبه ذلك من نفقات معلنة ومخفية.
الأمثلة متعددة.. ليست المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية التابعة لوزارة النقل الوحيدة من هذا الطراز، وللعلم ليس لدى هذه المؤسسة آلية هندسية واحدة لتنفيذ مشاريعها، ولا حتى فأس أو “مجرفة”، بالتالي يمكن أن تكون مديرية ضمن الهيكل الإداري لوزارة الأشغال العامة والإسكان، وستؤدي ذات المهام التي تؤديها لكن بنفقات أقل.
المثال ليس مقصوداً لذاته، بل في حنايا قطاعنا العام الكثير من الشركات والمؤسسات التي يجب إلغاؤها لا دمجها، وربما كانت قرارات إحداثها غير مدروسة كفايةً.
المشروع عموماً هام واستراتيجي، ويحتاج إلى جرأة في المعالجة، لأن الهياكل المتورمة والعاجزة، لم تعد قادرة على النهوض بثقلها، فكيف ستنهض بأعباء تنموية واستحقاقات قادمة..؟
نهى علي