الثورة- بشرى سليمان:
تعاني بعض الأمهات من صعوبة تدريس أطفالهن، بسبب عدم تركيز هؤلاء الأطفال أثناء حل الواجب المدرسي، والنسيان المستمر للمعلومة، والأهم من كل ذلك هو العلامات المنخفضة، رغم الجهود الكبيرة التي بذلنها في مراجعة الواجبات المدرسية مراراً مع أطفالهن، فيصل بهن الأمر إلى حد الصراخ عليهم ومعاقبتهم وإلصاق صفة الغباء بهم، دون الانتباه إلى وجود مشكلة تحتاج إلى حل، قد تكون أحد أنواع صعوبات التعلم تجلت مظاهرها بما سبق.
لمساعدة الأمهات في التعامل الصحيح مع مثل هذه المشكلات، التقت صحيفة الثورة الاختصاصية النفسية يارا أحمد (مديرة حالة في جمعية شمعة أمل) والتي اعتبرت أن صعوبات التعلم من المشكلات التي تواجه الأم والطفل، وقد لا تعرف أن طفلها يعاني من صعوبة تعلم أساساً، وهي اضطراب يعيق عملية التعلم الطبيعية، وهذا الاضطراب يكون في العمليات التي تدخل في عملية التعلم مثل: الذاكرة والإدراك والانتباه والتفكير، وكيفية معالجة المواد اللغوية، الشفوية والمكتوبة، وغالباً تتأثر القراءة والكتابة (الإملاء والتعبير التحريري والخط) وأيضاً الرياضيات بهذه الاضطرابات.
مظاهر المشكلة
توضح أحمد أن انخفاض التحصيل الدراسي في مادة أو أكثر، هو أول مظهر للمشكلة، ويمكن أن يُلاحظ منذ الصف الأول الابتدائي، وخاصةً في القراءة والإملاء والرياضيات، وقد يجد التلميذ مشكلة في فهم ما يدور في الصف، من نقاش وشرح ونقل من السبورة، وفهم الأسئلة التي تُطرح شفوياً أو كتابياً، فيظهر ضعفه في أداء الواجبات، وقد يحاول تجنبها والتهرب من كتابتها، أما من الناحية الاجتماعية قد يجد ما يُقارب 30-40 % ممن لديهم صعوبات تعلم، مشكلة حقيقية في تكوين صداقات مع زملائهم، أو المحافظة عليها لمدة طويلة، وذلك بسبب عدم القدرة على قراءة مشاعر الآخرين، وتعابير الصوت والوجه والجسم، التي تحمل معنى للآخرين.
أسباب المشكلة
تبين أحمد أن صعوبات التعلم ذات ارتباط وراثي كبير، ولكن نسبة ظهورها تتفاوت من أسرة لأخرى، فربما نجدها في جميع أفراد أسرة، وربما تظهر لدى فرد واحد فقط في أسرة أخرى، وهذا يعود إلى طبيعة الوراثة كما هو معروف، وهناك أيضاً الأسباب التي تؤثر على النمو الطبيعي أثناء فترة الحمل، وأثناء الولادة وما بعدها إذ لها علاقة أيضاً بصعوبات التعلم.
اكتشافها والبدء بحلها
يلاحظ الوالدان أن ثمة شيء غير طبيعي لدى طفلهم، سواءً في سلوكه، أو في جوانب النمو كاللغة والمهارات الاجتماعية والنمو الحركي وغيرها، فتأخر نمو الطفل عن المعتاد في أي من هذه الجوانب أو غيرها، قد يكون مؤشراً على حاجة الطفل إلى تقييم شامل لجوانب النمو المتنوعة، وهنا على الأهل اللجوء إلى الاختصاصي الذي يجري اختبارات تقييمية للطفل، بالاعتماد على معلومات الأهل عن سلوك الطفل الأكاديمي وغير الأكاديمي مع أفراد أسرته، وأصدقائه، وتاريخه الصحي منذ الحمل إلى دخول المدرسة، كما يلزم ملاحظته في مواقف التعلم، وإعطائه اختبارات مبنية على المنهج، ودراسة أعماله الأكاديمية، الصفية والمنزلية وبعد جمع هذه المعلومات وتحليلها، قد يتم الكشف عن وجود صعوبات تعلم تحتاج من الأهل تقبل طفلهم، ومساعدته بصبر على بناء ثقته بنفسه، ومكافأته والثناء على ما يبذل من جهد، وهذا يتم بالتزامن مع البرنامج العلاجي الذي يضعه المختص، وقد يُشرك فيه المدرسة متمثلةً بمعلمة الصف لدورها الهام والمساعد أثناء تواجد الطفل في المدرسة.
العلاج ليس بالدواء
تؤكد الاختصاصية أحمد أن صعوبات التعلم ليس لها علاج، ولا تُعَالج بالعقاقير، ولكن التدخل التربوي المتخصص، يساعد من لديه صعوبات تعلم على التغلب على آثارها بشكلٍ كبيرٍ جداً، من خلال التدريب على استراتيجيات التعلم الفاعلة، والتعايش مع المشكلة.