الملحق الثقافي- حوار : رفاه الدروبي:
حول دور الغرب الثقافي كان هذا اللقاء السريع مع الكاتبة والشاعرة غادة اليوسف التي أشارت إلى أنَّ من يمتلك أسباب القوة والسيطرة على الآخر في الجماعات البشرية من فرض ونشرهيمنته الفكرية وثقافته عليها. ويمكن سبره عبر التاريخ البشري كلِّه.
وعبر هيمنة الحضارات الماضية والحاضرة على أماكن سيطرتها العسكرية والسياسية والاقتصادية. ويتجلى في كافة المجالات تبدو بالقيم والأخلاق والعادات وشكل العمران وحتى الأزياء والفنون والآداب والأسباب سيطرة الأقوى.خاصة حين ينتهج القوي العنف على الشعوب المهيمن عليها ويتم تدجينها لضمان رضوخها خاصة أن شعوباً لا إرثاً حضارياً لها .
منوهة أنَّ هيمنة الغرب الاقتصادية الاستعمارية منذ الانطلاقة الصناعية الكبرى فيه والرأسمالية بعد تحولها إلى الإمبريالية باستعمار البلدان الغنية بمقدراتها وثرواتها ومواقعها ترافق بنشر وفرض الفكر والثقافة الغربية وهيمنته على الكوكب ولكن عنف الغرب المنتهج ولايزال رغم كلّ ادعاءاته التحررية والديمقراطية وحقوق الإنسان غيرها لاتطبق إلا بما يخدم سياساته الاستعمارية. كان العنف سبباً لأولوية دفاعية عند الشعوب المستغَلة ما أدَّى إلى استيقاظ ونهوض الفكر القومي والسعي لبعث التراث والثقافة لدى كلّ شعب من الشعوب في الفكر السياسي والاجتماعي وفي عالم الفنون و…ولكن حين تعثر المشروع القومي رغم إحياء الفكر والثقافة تغذيه ولدى فشله في تحقيق أهدافه انبعثت الأصوليات بأشكالها كأولوية دفاعية بديلة عن هوية فكرية تتغذى من ماضوية لا تتماشى مع العصر كردة فعل على هيمنة كلّ فكر تنويري حضاري إنساني وكدفاع عن هوية فكرية تحاول بكلّ قوة مقاومة الهيمنة الفكرية الغربية كرد فعل مفتعل وعنفي على الغرب كما نرى اليوم مابشر به صموئيل هنتغتون يوماً من صراع الحضارات.
وتابعت الكاتبة اليوسف إلى مانراه اليوم من التطرف الديني حيث يحاول إلغاء كلّ ماجاء به الفكر الغربي، واعتباره ضلالاً وكفراً ولم يعد خافياً هيمنة الفكر الأصولي المتطرف على الكثيرين وخاصة في الشرق. وخاصة في شرق يعاني من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية. وليس خافياً أنَّ الغرب يغذيها لأنَّه لايزال الأقوى عسكرياً واقتصادياً ويستثمرها في التناحر بين شعوب يريد استمرار هيمنته عليها ولايزال الصراع قائماً على أنَّه صراع محسوم النتيجة لأنَّ من يهيمن اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً من يهيمن فكرياً وثقافياً لكن في وقتنا الراهن يعوّل على دور المفكرين التنويريين في كلّ مكان من العالم وحولهم من يمهد الطريق لفكر وثقافة عالمية إنسانية ولن يكون إلا في ظلّ قيام نظام اقتصادي عالمي عادل .
العدد 1150 – 4-7-2023