الملحق الثقافي- ديب علي حسن:
يُقال إن الإنسان يقضي شطراً كبيراً من شبابه يحلم بما سيكون عليه في المستقبل وحين يمتد به العمر ويصل إلى سن الشيخوخة يقضي كل وقته يتذكر ما كان عليه.
إنه الاغتراب بين مرحلتين من العمر مرحلة الإنجاز التي كانت في سن الشباب والقدرة على العطاء هكذا يفترض، أما مرحلة تأمل ما كان فهي ترتكز على ما تحقق من إنجازات يباهي بها الإنسان أو يشيح الوجه عنها.
تذكرت ذلك كله حين قرأت خبر رحيل عالم الاجتماع والروائي السوري حليم بركات، ومن كتابه المتميز (الاغتراب في الثقافة العربية.. متاهات الإنسان بين الحلم والواقع) كان هذا العنوان.
حليم بركات من طفولة اليتم إلى هجرة المكان أكثر من مرة هو الأكثر قدرة على تحليل مفهوم الاغتراب في المجتمع والثقافة والحياة لإنه بعمق عالم الاجتماع ورؤيا واستشراف الروائي المبدع استطاع أن يحلل مجتمعنا العربي وأن يشخص العلل والأمراض التي تعصف به، ولم يقف عند التشخيص بل وضع الكثير من أساليب العلاج.
حليم بركات، في متاهات الثقافة والاغتراب أنجز وقدم الكثير للثقافة العربية، ربما لم ينل ما يجب أن يكون له من الاهتمام ولكنه باقٍ في كل ما قدمه ولا يمكن لأي عالم اجتماع عربي إلا أن يرتكز على الكثير مما قدمه بركات.
العدد 1150 – 4-7-2023