خميس بن عبيد القطيطي- كاتب من سلطنة عمان:
منذ بداية الحرب العدوانية على سورية وحتى اليوم تحاول واشنطن وحفاؤها حل الأزمة بما يخدم أهدافهم الاستعمارية، ولم يهمهم أبداً حل المشكلة الإنسانية، أو المساعدة في إعادة اللاجئين، أو الحل السياسي، بل نهب الثروات السورية والعدوان على السيادة السورية وبناء القواعد العسكرية غير الشرعية، ومحاولة إقامة كانتونات انفصالية، كما هو حال مشروعهم الانفصالي مع ميليشيا “قسد” الإرهابية.
وحتى عندما يتحدثون زوراً وبهتاناً عن الحل السياسي فلا نراهم يصرحون بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والسيادة السورية بل فقط عما يخططون له بما يخدم “المعارضة” التي اخترعوها على مقاسات أجنداتهم، ويسلطون الضوء على ما يريدونه فقط من القرار 2254 دون الاعتراف بضرورة تطبيق سلله المتكاملة وبنوده الكاملة من مكافحة للإرهاب وانسحاب للمحتلين وإعادة للاجئين.
ويتجاهل الغرب أن سورية تريد العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى قراهم وبلداتهم وأن هذا الموضوع أولوية بالنسبة للدولة السورية مع ضرورة تأمين البنية الأساسية لهذه العودة ومتطلبات الإعمار والتأهيل بكافة أشكالها، ودعمها بمشاريع التعافي المبكر التي تمكّن العائدين من استعادة دورة حياتهم الطبيعية، ويتجاهل الغرب أيضاً أن كل الإجراءات التي اتخذتها الدولة السورية سواء على المستوى التشريعي أو القانوني أو على مستوى المصالحات تسهم في توفير البيئة الأفضل لعودة اللاجئين، بل وتشوش عواصم الغرب على الخطوات السورية وتتهم الدولة السورية بعرقلة عودتهم.
واليوم فإن أي مساعدة لسورية في عودة اللاجئين وفي إعادة دورها واستقرارها وإيجاد الحل السياسي الذي يكون بيد شعبها يجب أن تنطلق من رفع العقوبات والحصائر الجائر عنها، بل ينبغي أن تشكل الدول العربية رافعة سياسية واقتصادية مساندة لسورية في هذا الإطار لتخطو الخطوة التالية. أما سياسة الغرب الذي تقوده واشنطن والتي تتمحور حول فرض الإملاءات والشروط والقيام بدور التحكيم والمراقب الدولي فلن يخدم السوريين بشيء بل سيزيد معاناتهم.
وأي مبادرة تستهدف مساعدة سورية ينبغي أن تتبني أولاً إخراجها من هذه العزلة كلياً وكسر الحصار الجائر عليها بقرار عربي جماعي موحد وليس تبني الحديث عن خطوات سورية لتجاوز العقوبات والدولة السورية في أوضاع صعبة بسبب هذه العقوبات الظالمة وعليه يجب أولاً العمل على إنهاء العقوبات ثم مساندة سورية اقتصادياً لمعالجة الأوضاع الداخلية تزامناً مع إعادة الإعمار لتهيئة الظروف المواتية لعودة النازحين.
ما توصلت إليه سورية خلال الفترة الماضية يعتبر ثمرة من ثمرات الصمود للدولة السورية، وهنا ينبغي الاستدراك أن التعاطي الإيجابي السوري مع بيان عمان يمثل رغبة سورية صادقة للتعامل مع أي مبادرة دولية، ولا يفوتنا هنا التأكيد على أن المسافة التي قطعتها سورية في تجاوز أزمتها كانت كبيرة وأنها لا يمكن أن تعود بأي حال من الأحوال إلى المربع الأول ولا تقبل وصايات أحد، وهنا يستحسن على أي طرف يريد الحل في سورية العمل على تهيئة الظروف المساعدة للدولة السورية وليس تسويق نظريات سياسية تخدم المخططات الغربية، وينبغي أيضاً الأخذ بالاعتبار أن سورية هي التي أدارت أزمتها في ظل عراقيل وإعاقات وتصدير للإرهاب من قبل دول معروفة وبالتالي هي ليست بحاجة إلى تنظير أو إملاءات أو نظريات سياسية ولا تقبل الوصايات الدولية، وسورية مع كل الجهود التي يبذلها الأشقاء العرب للحل لكنها لن تفرط بحقوقها مهما ضغطت واشنطن وحلفاؤها عليها.