الثورة – ترجمة رشا غانم:
ادعاء الولايات المتحدة بالمحافظة على الأمن والاستقرار في منطقة مضيق تايوان من أهدافها طويلة الأمد ما هو إلا كذب وخداع، فما من أحد يهمه الحفاظ على الوضع الراهن لمضيق تايوان باعتباره جزء لا يتجزأ من الصين أكثر من الشعب الصيني نفسه، وما من أحد يرغب أيضاً برؤية الجانبين من المضيق يعملان مع بعضهما البعض للمحافظة على السلام الوطني والسيادة وسلامة الأراضي أكثر من الشعب الصيني.
ومن ناحية أخرى، يمكن للولايات المتحدة أن تعظ بالسلام في ظاهر الأمر، ولكنها في الحقيقة تلعب ببطاقة تايوان، وتثير الأمور لخلق الحرب، كما أن تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين بشأن مسألة تايوان تتعارض مع هدف الحفاظ على السلام في المنطقة.
فعلى سبيل المثال، ادعى مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بورنز، في مقابلة تلفزيونية بأنّ واشنطن لديها معلومات استخباراتية تُفيد بأنّ بكين تجهز لهجوم عسكري ضدّ تايوان بحلول عام 2027، وبأن مراكز البحوث والدراسات الأمريكية كمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قد استخدمت تقنيات المحاكاة، والتي تشير بشكل ضمني أو صريح باحتمالية استخدام الصين للقوة من أجل حل مسألة التايوان قبل عام 2027.
وإضافة إلى ذلك، تستمر وسائل الإعلام الأمريكية بخلق الاعتقاد والتصور بأنّ الصين ستستخدم الوسائل العسكرية لحل الأزمة التايوانية بحلول الذكرى المئوية لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني والذي سيكون بتاريخ الاول من آب لعام 2027.
يعرف أولئك السياسيين ومراكز الدراسات ووسائل الإعلام حق المعرفة واليقين بأنّ تلك الدسائس والمكائد المستمرة لتأجيج الصراع عبر المضيق تمكن المجمع الصناعي العسكري الأمريكي من تحقيق ربح أكبر عن طريق بيع أسلحة ومعدات عسكرية أكثر لتايوان، كما يخبرنا التاريخ الحديث بأنه لا يهم أين يشتعل الصراع، المهم فقط بأن الصناعة العسكرية الأمريكية ستستفيد وتحقق أرباحاً من ذلك.
لقد أصبح المجمع الصناعي العسكري الأمريكي وحش حرب، يعيث الفساد عالمياً، حيث أنّه يسيطر على السياسيين ومراكز الدراسات ووسائل الإعلام عبر وسائل عديدة، ويصنع الموافقة لشن الحروب، ويبيع الأسلحة والمعدات ويجني لنفسه أرباحا كثيرة وقت الحروب.
وعلى سبيل المثال فقد تم تمديد فترة ولاية الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ كرئيس لحلف الناتو مؤخراً لمدة عام آخر فقط، لأنه معروف بطاعته للولايات المتحدة وميوله لإصدار بيانات استفزازية ضد دول مثل الصين وروسيا، وهذا ما فعله بالضبط خلال قمة الناتو التي اختتمت للتو في فيلنيوس، ليتوانيا، حيث وصف بيان القمة الصين بأنها تهديد، واستمر ستولتنبرغ في ترديد النمط الأمريكي، قائلاً: الصين تتحدى بشكل متزايد النظام الدولي القائم على القواعد، وترفض إدانة حرب روسيا ضد أوكرانيا، وتهدد تايوان، وتقوم بحشد عسكري كبير، ومن الجدير بالذكر بأنها ليست الصين، بل أشخاصاً مثل ستولتنبرغ، الذين يقدمون عطاءات لواشنطن، ويحاولون إثارة المشاكل عبر المضيق.
في الواقع، أصبحت تايوان واحدة من أكبر مراكز الخدمة النقدية للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، فمن خلال تضخيم الرواية الكاذبة لهجوم محتمل على البر الرئيسي لتايوان، يمكن للولايات المتحدة أن تنشر المزيد من الأسلحة بسلاسة إلى الجزيرة، على الرغم من أن العديد من الأمريكيين المحبين للسلام غالباً ما يعبرون عن معارضتهم للحرب، إلا أن المجمع الصناعي العسكري يواصل الضغط على السياسيين، الذين بدورهم يواصلون تصنيع ونشر الروايات السخيفة لإثارة المواجهات والصراعات.
هذا وترسل الولايات المتحدة باستمرار إشارات خاطئة إلى القوى المؤيدة للاستقلال في تايوان، من أجل تصعيد التوترات عبر المضيق، وكانت الولايات المتحدة تتناقض مع تصريحاتها الخاصة، وتنتهك القانون الدولي لتقويض الأساس السياسي المشترك للعلاقات الصينية الأمريكية من خلال تشجيع القوى المؤيدة للاستقلال في تايوان على زيادة خطابها وأنشطتها، كما أنها منخرطة في حديث مزدوج، وتشويه وتمييع وتفريغ مبدأ الصين الواحدة من خلال تعزيز العلاقات الرسمية مع تايوان، وزيادة مبيعات الأسلحة إلى الجزيرة، وإقرار التشريعات المتعلقة بتايوان.
وعلاوة على ذلك، كان بعض السياسيين الأمريكيين يحاولون تشويه الطبيعة الأساسية للعلاقات عبر المضيق، ووصفوا قرار البر الرئيسي بتحقيق إعادة التوحيد الوطني بأنه عدوان، ومثل هذه الإجراءات ليست سوى محاولات لتجاوز الخط الأحمر للعلاقات الصينية الأمريكية، وبتشجيع من الإشارات الخاطئة للولايات المتحدة، أصبحت القوى المؤيدة للاستقلال في الجزيرة أكثر وقاحة في أفعالها، على الرغم من أن بكين أوضحت تماماً أن الانفصالية لا تتوافق مع السلام، وأن استقلال تايوان سيؤدي حتماً إلى إعادة التوحيد الوطني بالقوة.
فإذا كانت الولايات المتحدة تريد حقاً السلام عبر المضيق، ما عليها إلا الالتزام بمبدأ الصين الواحدة والامتناع عن إرسال أي إشارات خاطئة إلى القوى المؤيدة للاستقلال في تايوان.
المصدر – تشاينا ديلي