الثورة – لميس علي:
أحياناً نحيا حياتنا كلّها ونحن ندافع عن فكرة محدّدة محاولين تطبيقها وتحويلها واقعاً.. وبذات الوقت نهرب من فكرة أخرى نخافها ونرتعب منها لمجرد أن تواجهنا وتتمثل حقيقةً أمامنا..
كم تسيطر علينا الأفكار..؟
وكيف تقود حياتنا، فيما نعتقد أننا نحن من نقودها ونختلقها..؟
ألا يحدث أن نكون تجسيداً ل(فكرة) بالنسبة للآخر.. أو أن يكون هو هذا الآخر عبارة عن (فكرة) بالنسبة لنا..؟
نحن مزيجٌ من أفكار.. سواء انسجمتْ.. توافقتْ.. أو حتى تناقضتْ وتنافرتْ.
بالنسبة للفيلسوف اللغوي لودفيغ فيتغنشتاين فكان يتمنى (أن تسكن أفكاره بسلام).. وذكر مرة (إذا أمكننا أن نضع لكل فكرة سعراً سنجد أن بعضها رخيص وبعضها باهض الثمن. لكن كيف ندفع ثمن الأفكار؟ أعتقد بالتحلي بالشجاعة).
للأفكار ثمنٌ..
وبعضها باهظٌ جداً..
من يدرك قيمة تلك الباهظة..؟!
ومن يستطيع سداد ثمنها..؟
غالباً ما قصده فيتغنشتاين، من كون ثمن الأفكار أن نتحلى بالشجاعة، هو أن نكون شجعاناً بتطبيقها والمجاهرة بها.
كان يشتغل بالفلسفة، إذاً من الطبيعي أن تكون مادة يومه هي (الأفكار)..
وأيضا كل ما يشتغل بالكتابة، بالإبداع، تصبح (الأفكار) رفيقة لحظاته.. العصب المحرك لإنجازه..
ماذا عن الحياة الواقعية.. أيضاً تحرّكها الأفكار التي تتلبس هيئة “أفعال” يومية، حياتية..
بمعنى تصبح الأفكار من لحمٍ ودم.. مادة مُشبعة بالواقعي والحقيقي، وليست محض صياغات مثالية وفقط.
الأفكار وقود الذهن المشتعل.. الذي يقدح انشغالاً لاستكمال (مُنجز) ما يعمل عليه..
من يقدّر قيمتها أكثر..؟
أغنياء الفكر/الأفكار مثلاً..
من لديهم ثروة من “الأفكار”..؟
أم من يترتب عليهم (دَين) كبيرٌ منها، أي فقراء الفكر/الأفكار..؟
تصوّروا أن تقاس ثروة أو رأس مال كل منا بما لديه من أفكار..!
غالباً سيضطر كثيرون إلى إظهار (فقر حال) فكري.. ليس بسبب قلة أفكارهم أو ثروتهم (الفكرية) إنما بسبب ندرة شجاعتهم بتطبيقها..
وعلى رأي فيتغنشتاين مرة أخرى: المرء (لن يستطيع أن يفكر بحقّ إذا لم يكن مستعداً لأن يؤذي نفسه في سبيل الحقيقة).
التالي