يجمع السوريون أن الفئة الأكثر تأثراً بصعوبات المعيشة بعد الحرب والحصار.. هي فئة الموظفين في القطاع الحكومي وجزء بسيط من موظفي القطاع الخاص.
السبب الرئيسي لتأثرهم هو ضعف قيمة رواتبهم مقارنة مع الأسعار ومستلزمات المعيشة، وسبب آخر هو صعوبة تأمين المواصلات في مناطق عديدة وأسباب أخرى متعلقة بظروف وإمكانات العمل في المؤسسات وما تقدمه من خدمات وامتيازات.. أيضاً عدم قدرة معظمهم على العمل الإضافي في أماكن أخرى بسبب حجم ساعات الدوام الرسمي ومعظمهم يحتاجون هذا الخيار لدعم معيشتهم.
إذاً الموظف في المؤسسات الحكومية محاصر بصعوبات الحياة وثقل متطلباتها وقلة الخيارات الداعمة.. هذا هو واقع الموظف، لكن ليس هذا هو موضوعنا.
جزء من الناس يبرر لموظفي الدولة تقصيرهم حتى لو سمعوا شكوى شخص عانى من عدم تجاوب أو إساءة معاملة أثناء مراجعته لمؤسسة حكومية بحجة هموم الموظف وضعف حاله، وهذا هو موضوعنا.
أليس للموظف قدرة تحمل؟ ألا يعاني؟ ألا يحق له الغضب والتذمر؟
يحق له بالتأكيد ويحق له أن نحترمه ونتعاطف معه، ولكن بالمقابل: أليس المراجع لمؤسسة حكومية محاصرا بهمومه؟ ألسنا جميعاً نعاني؟ أليس الجميع مثقلا بأعبائه؟
قبل الحرب كان الطلب الأكبر عند الجزء الأكبر من الناس هو الحصول على وظيفة حكومية.. وظائف الدولة في زمن آبائنا أنشأت بيوتاً وربت أجيالا.. اليوم ليست الظروف طبيعية، وما دمنا بقينا بأعمالنا ومؤسساتنا فلنحترم اختياراتنا ومسؤولياتنا.. وهنا صلب موضوعنا.. هل يحق للموظف صب غضبه وهمومه على مراجع لمؤسسة؟ لا مطلقاً لا يحق له، والحق لمن يراجع مؤسسة أن تلبى حاجته.
لكن: ماذا عن حق الموظف؟ حقه أن تكون لديه إدارة تراعي ظروفه.. تساعده على تطوير مهنته ومهاراته، وألا تكون سبباً في إقصائه إن كان كفؤاً، والأهم ألا تكون سبباً في مكافأة المقصرين والسلبيين فهؤلاء (اليوم تحديداً) قد يكونون سبباً في هدم مؤسساتهم، وهذا أكبر الشرور، فتوازن الدول و بقاؤها ببقاء وقوة مؤسساتها.
خلاصة موضوعنا: قدر الموظف المخلص..أن يحاصر حصاره.
إليسار معلا
السابق