الثورة – إعداد ياسر حمزه:
على الدوام أبواب سورية مشرعة لكل العرب, وكانت لهم السند والمعين على مر العصور, فالذين قدموا من العراق انتسبوا للمدن التي قدموا منها كعائلات البغدادي والموصللي والبصري, والقادمين من مصر, سجلوا نسبهم المصري في البطاقات الشخصية, وكذلك عائلات الحجازي الذين قدموا من الحجاز.
كما قدمت إلى سورية عائلات عربية كثيرة وعلى فترات متباعدة وخاصة من فلسطين, وكان أول قدوم جماعي لهم عند احتلال الفرنجة للقدس خلال الحروب الصليبية, وقد نزل أهل القدس بداية عند باب شرقي بدمشق, بعد ذلك امتد سكنهم إلى سفح قاسيون وعمروه بالأسواق والبيوت والجوامع والمدارس, وأطلق الناس على الموضع اسم الصالحية لأن الذين سكنوها من أهل بيت المقدس الصالحين, وبرز منهم علماء في الفقه واللغة والتاريخ وغيرها من العلوم.
وهناك عائلات كثيرة تحمل اسم إحدى المدن الفلسطينية ومنها عائلات القدسي والمقدسي نسبة إلى القدس, والنابلسي نسبة إلى نابلس والحيفاوي نسبة إلى حيفا والعكاوي نسبة إلى عكا والخليلي نسبة إلى الخليل والجليلي نسبة إلى الجليل, والغزي والغزاوي نسبة إلى غزة, وهناك عائلات معروفة من أصول فلسطينية منها القاسم والقاسمي والخطيب, وبرزت من هذه العائلات شخصيات شهيرة في مختلف جوانب العلم والأدب والفن والسياسة.
وآخر هجرة جماعية وفدت إلى سورية كانت بعد احتلال الصهاينة لفلسطين في عام 1948, وقد سكن أغلبهم في مخيمي فلسطين واليرموك على أطراف دمشق, كما أقاموا مخيمات في عدد من المحافظات السورية.
وفي فترات متعددة من الزمن وفد إلى سورية العديد من الإخوة من دول المغرب العربي كالمغرب وتونس والجزائر , وسكنوا دمشق وغيرها من المدن السورية, وكانت أولى الهجرات في العصرين العباسي والسلجوقي, وازدادت هجرتهم بعد الاحتلال الفرنسي, كما وفد إلى دمشق ليبيون بعد الاحتلال الإيطالي لليبيا, وتعد العائلات الجزائرية المقيمة في سورية الأكثر عدداً من أبناء المغرب العربي, وثبتوا في بطاقاتهم الشخصية نسبة الجزائري أو الجزائرلي لتأكيد روابطهم مع الوطن الأم.
وفي دمشق عائلات كثيرة تحمل نسبة المغربي, وهناك حي في دمشق في محلة السويقة يسمى حي المغاربة, كما كانت السويقة تسمى سويقة المغاربة, وفي دمشق أسر تحمل نسبة التونسي.
ومن العائلات السورية التي يعود أصلها إلى المغرب العربي عائلات الهاشمي والحسني وهم من الجزائر أيضاً.
وهناك الكثير من العائلات السورية تحمل أسماء مدن لبنانية ومنها البيروتي نسبة إلى بيروت والطرابلسي نسبة إلى طرابلس وصيداوي نسبة إلى صيدا وبعلبكي نسبة إلى بعلبك وحلباوي نسبة إلى حلبا في شمال لبنان.
ويجاور مشفى المجتهد بدمشق حي يدعى حي التيامنة, نسبة إلى الهجرة الجماعية من وادي تيم في لبنان في منتصف القرن التاسع عشر,
وهناك علاقة بين لبنان وسورية أعمق من الهجرة وهي المصاهرة والنسب على مدى قرون عديدة من الزمن, فكثير من اللبنانيات تزوجن من سوريين وكثير من السوريين تزوجوا من لبنانيات, ولا تزال العلاقات الاجتماعية قائمة ومستمرة.
هذا فضلاً عمن كان يقوم بزيارة دمشق بعد أداء فريضة الحج, على اعتبارها ممراً لهم مثل القاطنين في شمال آسيا كالشركس والداغستان والترك, فيعجبه حسنها وطيب عيشها فيستقر بها وحملت هذه العائلات التي استقرت بدمشق أو في المدن السورية الأخرى اسم الدول التي جاءت منها فالذي جاء من داغستان أصبح نسبه داغستاني, والذي جاء من بلاد الشركس شركسي, ومن بخارى البخاري.