الثورة – رفاه الدروبي:
وقَّع الشاعر ثائر علي نصور مجموعته الجديدة الثانية عنوانها “على مقام الروح”، وكانت الأولى “طل الشعر الآخر”، وله مؤلفان رواية “الطاحونة” وقصص “شجر التوت”. يحمل الكتاب بين دفتيه ١.٩ صفحات تحتوي على واحد وأربعين نصاً شعرياً صادراً عن دار بعل للطباعة والنشر والتوزيع. قدَّم لها الكاتب والشاعر حسين عبد الكريم واحتضنها المركز الثقافي في أبو رمانة بدمشق.
فاتحة المجموعة خطَّها الكاتب والشاعر حسين عبد الكريم قال: “ليس هيِّناً على المكان أنَّه سيدٌ وأنَّ اللغة حبيبة. ثائر نصور شاعر متورِّط بالمكان وينفخ في روح اللغة روح جمره، لينهض فينيق الكلام وتجربته بالبهاء تشبه القصائد الخضراء جبليٌّ وبهيٌّ وأخضر كبستان عاصفة. قلت يوماً: المصادقة شهامة الزمن. ثائر شاعر يقيم في شهامة الحياة والقصيدة”.
وأشار خلال الندوة أنَّ الشاعر جاء من براري روحه حاملاً بيئته النبيلة إلى دمشق حيث اللغة فالفيحاء أمٌّ عملاقة حاملة للبيئات. تستوعب أحلامنا وتحملها لتكبر فيها وبيئاتنا الصغيرة ليست أمَّاًدمشق. وشاعرنا جاء من قرية العسيلية في منطقة الشيخ بدر يحمل في وجدانه الكثير من الخبرة وتآمر على وجدانه العشقي، مهملاً الجانب الحكائي والغوص في غابة النساء قدوته في الجنون اللطيف والودود، فجاور أحزانه وأحلامه وليس بوسع قلبه أن يكون بدون المكان الساحر ريح وريف وجنون.
كما أكَّد أنَّ التصور فطري لايعنيه نشر شيء لكن يهمه الإبداع الحقيقي. يستمتع القارئ بجنونه اللغوي ووجده الوجداني يحمله الوجود الساحر الباهر إلى حيث اللغة، حاملاً حبّاً في قلبه ينبض بدفءٍ جميلٍ وأتانا طائر العسيلية فخبَّأ الطير طيراً وفي جنح جانح، بينما ترشح اللغة في المكان وليس بوسع جنونه أن يحمل جناحين من بلدته وروحها وجنونها إلى باقة العطر دمشق، مُنوِّهاً أنَّ القصيدة فيها من العشق الكثير تحمل جراحات زمنه متناولةً الحبَّ الأبدي بجماليته بين الواقع والخيال وروح القصيدة والقدرة على المجاز والعبور، وتبدو القيمة في اللغة بين مجازها والواقع يحارب على جبهتها أكثر بين لغة الشعر والشاعر عندما يكون بين الشمولى والجدلي والبحث عن أبدية العلاقة بين الصورة الشعرية، وغالباً الشعراء يبحثون عن العلاقة الخاصة والقيمة وكيفية صوغ جملة شعرية لها خصوصيتها مع جنون الشعر.
ثم أردف عبد الكريم: إنَّ بحور الشعر عبارة عن ترنيمات موجودة في البيت في جسد المفردات وليست صعبة، والشعر الخليلي يكون فيه الصدر والعجز معتمداً على التكرار، ولابدَّ من أن يكون لدى الشاعر تجربة كبيرة كي ينهج طريق الشعر الخليلي الموزون لكنَّ القيمة الهائلة تكون موسيقا داخلية بهيَّة شهيَّة الغناء يريد الشاعر منها أن يحمل التموّهات في تجربته لعله يُوفَّق لكنَّ القيمة تكون بالتجربة الشعرية كما الأوزان.
بدوره الشاعر نصور أشار بأنَّ القوانين الوضعيَّة إطلاق القواعد وانزياحات الكلام.. والكلام الخالٍ من الصورة والإيحاء يخلو من المعنى لأنَّه صار أكثر احتياجاً إلى المتلقي وغالباً يحتاج بأن يكون سفاحاً جيداً في علوم اللغة ليحصل على الصورة الشعرية ويدرك كنه الموسيقا، مُبيِّناً أنَّ بحور الشعر تعتمد على الحركة والسكون، ومازالت مستمرة من العصر الجاهلي حتى الآن، ولا بدَّ من التأقلم مع الواقع الجديد والإرث ديوان العرب، ولا نقف عندها، ولا بدَّ من التجاوز والسير إلى الأمام فيما يخصُّ الحنين والحب والشغف. إنَّ القصيدة العمودية يمكن أن يكون فيها صورة شعرية، ثمَّ قرأ عدة قصائد من ديوانه مثل: “ماوراء العشق” أنشد فيها:
رائحةُ الشّوقِ عشقٌ
وهذا المدى أنغامٌ مُسبِّحةٌ
لقيامةِ العشقِ بمحرابِ رتقْ
سماواتٌ تهدهدُ الكونَ
كأمٍّ رؤوم
نقطة البيكار منطلقٌ
لكلِّ دائرةٍ في مهدٍ دفق
لاتطوّع الشراعَ
النون أبحرَتْ لخط المدى
نقطةُ التماهي خطُّ الأفق
البحرُ يُراكمُ الموجَ أبداً
بينَ مدٍّ وجزر
صروفُ الدهرِ أجمعها
عابراتٍ كالغيمِ
ورياحٌ تتلو صلاتَها عندَ أعتابِ فجر