الثورة – فردوس دياب:
يغفل الكثيرون حجم المعاناة الكبيرة التي تصيب «مرافقي المرضى» وتتجه الأنظار دوماً نحو المريض للاطمئنان على صحته ومتابعة مراحل علاجه وشفائه، فيما يبقى مرافق المريض الذي يسهرعلى راحته ويعتني به بعيداً عن الأنظار والشكر والامتنان، وهذا ما يصل به إلى مرحلة متقدّمة من الإرهاق والتعب والإجهاد الجسدي والنفسي، لاسيما إذا كان مريضه من أصحاب الأمراض المزمنة، وصولاً إلى إصابته أي -مرافق المريض- بالعديد من المشكلات والأمراض النفسية، خاصة إذا كانت فترة الاعتناء بالمريض طويلة نسبياً.
من هنا كانت الحاجة ضرورية للاعتناء والاهتمام بهم بعد هذه المرحلة الصعبة والعصيبة التي مروا بها خلال اعتنائهم واهتمامهم بالمريض، وقد اهتم الكثير من العلماء والباحثين بهذا الموضوع وأخذ حيزاً كبيراً من أبحاثهم ودراساتهم.
للإضاءة أكثر على هذا الموضوع، التقينا الدكتور رياض العاسمي أستاذ العلاج النفسي في كلية التربية بجامعة دمشق .
-جهد وإحباط واكتئاب
الدكتور العاسمي استهل حديثه بتعريف الدعم النفسي لمرافقي المرضى بأنه عبارة عن مجموعة من الأنشطة الداعمة التي تهدف إلى مساعدتهم على التعافي بعد أن عطلت ظروف الحرب حياتهم، وتعزيز قدرتهم بغية العودة إلى الحالة الطبيعية بعد معايشتهم لمرض أحد أهليهم.
وسلّط الضوء على أهمية هذا العمل النبيل الذي يقوم به مرافقو المرضى، حيث قال: إن «مقدمي الرعاية» للمريض يؤدون دوراً رئيسياً في رعاية مريضهم الذي قد يكون مرضه مزمناً، وتقع على عاتقهم أعباءً كثيرة ومرهقة، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على صحتهم الجسدية والنفسية.
وأكد أنه من الطبيعي أن يشعر «مقدّم الرعاية» بالتعب والإرهاق والإحباط والوحدة والحزن والضغط العصبي النفسي الناجم عن تقديم الرعاية، لكن ما هو غير طبيعي أن يكون هو الحاضر الغائب عن الشكر والدعم، لأن من شأن تزويده بالدعم بشتى أشكاله ووسائله أن يخفف العبء عنه ويخفض عوامل الخطورة المصاحبة لهذا العمل الإنساني بالدرجة الأولى.
وأشارالعاسمي أن مقدمي الرعاية لمرضى الأمراض المزمنة يتأثرون بشكل سلبي وبجوانب متعددة من حياتهم، كتردي حالتهم الصحية والمادية، وإصابتهم بالأرق والقلق وعدم اليقين، وكذلك اضطرابات في علاقاتهم الاجتماعية والأسرية.
يساعد المرافق والمريض
يعتبر دعم ومساندة الأقارب والأصدقاء لمرافق المريض بحسب الدكتور العاسمي من الأمور الهامة والضرورية جداً والتي من شأنها أن تساعده في تجاوز هذه المحنة، لأن وقوفهم معه في هذه الفترة سوف يساهم إلى حدّ كبير في تعزيز قدراته وطاقاته الإيجابية التي سوف تنعكس على مريضه بشكل إيجابي، لأن دعمه من قبل أقربائه وأصدقائه يحسن من أدائه وينسيه جهده وتعبه، وينقله من حالة الاكتئاب والإحباط واليأس إلى حالة التفاؤل والأمل.
ويشير الى نقطة هامة جداً، وهي أن معظم الدراسات أثبتت العلاقة بين تقديم الدعم النفسي والمعنوي لمرافق المريض، حيث أظهرت الأبحاث وجود علاقة إيجابية بين الدعم الاجتماعي لمرافقي المرضى، وبين نتائج استشفاء المرضى مع معدلات وفيات أقل .
وعن أهم وأبرز خطوات الدعم النفسي لمرافقي المريض، بيّن أن أنواع الدعم النفسي تشمل الممارسات التي تصبّ في مواطن القوة لديهم والتخفيف من المصاعب والضغوطات التي يمرون بها ويمكن تقسيمها إلى الدعم المعنوي ويشمل المساندة والاحتواء والمشاركة في عمله الإنساني ، والثاني الدعم العاطفي الاجتماعي والذي يشمل تقديم مشاعر الحبّ والرعاية والتعاطف والثقة وتعزيز روح الانتماء إلى الأسرة والجماعة، وهناك أيضاً الدعم المادي الذي يعتبر من الأمور الهامة أيضاً ويشمل تقديم المساعدة المادية بأشكالها المالية والخدمية .
وختم العاسمي حديثه بالقول :إن مساعدة مرافقي المرضى في قيامهم برعاية مرضاهم من الأمور الهامة جداً التي تساعدهم ومرضاهم على الخروج من محنتهم بأقل الخسائر، وهذا ما يتوجب على الدائرة المحيطة بمرافقي المرضى الانتباه إليها جيداً، ونقصد هنا بقية أفراد الأسرة والأقارب حيث من الضرورة تقاسم وتشارك هذا العمل الإنساني الذي يتطلب جهداً جماعياً وليس فردياً.