راغب العطيه
صحيح أن التنديدات الغربية قد انهالت بشكل جماعي وإفرادي على انقلاب العسكر في النيجر على الرئيس محمد بازوم فور حصول الانقلاب، إلا أن الموقفان الفرنسي والأمريكي تميزا بحدة لافتة ما يعني أن هاتين الدولتين تخافان أكثر من غيرهما من الوضع الجديد في النيجر وما قد يتبعه من مستجدات على كافة الأصعدة.. سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا، وأكثر ما يقلق واشنطن وباريس ويخيفهما هو استثمار موسكو للوضع الجديد لتعميق نفوذها وحضورها في القارة الإفريقية.
وتخشى فرنسا أن تكون النيجر الدولة الثالثة التي تخسرها لمصلحة روسيا في غربي أفريقيا، بعد خسارة مالي وبوركينا فاسو في فترة قصيرة جدا، خاصة وأن باريس ركزت استراتيجيتها الجديدة تجاه إفريقيا بعد انسحاب قواتها من مالي على النيجر، وذلك بهدف تنفيذ أهدافها الجيوسياسية في غربي إفريقيا، كما تحتل دولة النيجر المركز الرابع عالمياً في إنتاج اليورانيوم، فالنيجر تغطي 35% من الاحتياجات الفرنسية من اليورانيوم، وتساعد محطاتها النووية على توليد 70% من الكهرباء في عموم البلاد.
بالإضافة إلى ذلك فإن لفرنسا عدة قواعد عسكرية في الأراضي النيجيرية ويوجد أكثر من 1500 جندي فرنسي هناك، ناهيك عن أنها تعد القاعدة الرئيسية لحلف الناتو في منطقة الساحل.
في حين أن الولايات المتحدة الأميركية التي سارعت إلى إدانة الانقلاب ودعت إلى إطلاق سراح بازوم، فإنّ قلقها ينبع من أنّه في حال نجاح الانقلاب ستصبح النيجر الدولة الـ11 في سلسلة الدول الأفريقية، التي تخرج من نير التبعية الغربية، كما أنها تخشى على قاعدة الطائرات المسيرة التي أسستها في وسط الصحراء في مدينة أجاديز في شمالي النيجر عام 2014، تحت شعار زائف هو مكافحة إرهاب الجماعات المسلحة في غربي أفريقيا.
وبحسب موقع “بوليتيكو” الأميركي قد يكون تغيير النظام في النيجر بمثابة ضربة للغرب وبشكل أكثر تحديداً للولايات المتحدة وفرنسا، اللتين تربطهما علاقات قوية بالدولة الواقعة في غرب أفريقيا، وذلك لأن رحيل بازوم القسري سيمثل انتكاسة أخرى في المنطقة، بعد أشهر فقط من انسحاب القوات الفرنسية من بوركينا فاسو ومالي المجاورتين، الذي عكس تضاؤل نفوذ فرنسا في غرب أفريقيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وما يجري الآن يهدد حياة الـ 1500 جندي فرنسي الموجودين في النيجر.
التالي