براديسو

يدخل الرجل إلى غرفة العرض في صالة السينما المهجورة، وبين علب الأشرطة المركونة على رفوفها تستعيد ذاكرته زمناً غابراً كان فيه طفلاً صغيراً يتسلل إلى الغرفة ذاتها في أوج مجد الصالة ليتابع من نافذتها الصغيرة ما يعرض على الشاشة من صور لا تمحوها الأيام..

تلك هي حكاية فيلم (سينما براديسو) المفعمة بالحنين إلى ماضي السينما الجميل، تحمل منه أجيال عديدة ذكرياتها الدافئة عن صالات العرض وأفلامها وطقوس حضورها حين كانت تنتشر في المدن والكثير من البلدات، ومنها المدن والبلدات السورية. يتابع الناس بلهفة ما تعرض من أفلام جديدة شكلت بعضاً هاماً من ذاكرتهم الجماعية، وقد عرفت دمشق خلال القرن الماضي عدداً غير قليل من الصالات السينمائية منها: سورية وبيبلوس وعايدة وغازي والأهرام ودمشق والعباسية والفردوس والأمير ودنيا، والزهراء (وكانت أكبرها)، والحمراء (التي تحولت إلى مسرح)، وفيما بعد: السفراء والخيام، ومن ثم صالة فندق الشام التي شهدت مرحلة ازدهار امتدت لسنوات، وأحدثها سينما سيتي التي حلت محل سينما دمشق بعد تجديدها، وقسمها إلى صالتين.

كثيراً ما كان الحصول على مقعد في الصالة يتطلب حجزاً مسبقاً، وكانت بعض الصالات تتيح لزبائنها فرصة حجز مقاعدهم بواسطة الهاتف منذ الصباح، وكان ثمن التذاكر إلى درجة تبدو وكأنها مزحة في زماننا، في الدرجات الثلاث: الصالة والبلكون والبولمان (وهو الصف الأول في البلكون) إذ تبدأ من مبلغ ستين قرشاً لبطاقة مخفضة في الصالة للطلاب والعسكريين، وتبلغ حدها الأقصى مع بطاقة في الـ(لوج) الذي تنفرد به سينما الزهراء، وهي مقصورات صغيرة في مقدمة البلكون وقبل البولمان تضم كل منها أربع مقاعد فاخرة غير ثابتة، إذ تبلغ إجرة المقعد ليرتان وربع.

إذا ما جاء وقت العرض، حلت معه تقاليد دمشق السينمائية التي تتضمن – فيما تتضمن – ارتداء أجمل الثياب، وجولة عمال كافتريا الصالة بين الزبائن في الاستراحة بين الدعايات والعرض معلنين عن (الشيبس، والبوظة الكلاسيه، والشوكولا)

كانت صالات السينما في ستينات وسبعينات القرن الماضي تتنافس في تقديم الأجمل والأحدث، قد اختص كل منها – دون إعلان – بنوع من الأفلام تبعاً للبلد المنتج، فاكتفى بعضها بعرض الأفلام الهندية، وبعضها الآخر بعرض الأفلام العربية (المصرية)، فيما حرص بعضها الثالث على عرض الأفلام الأجنبية من دون تمييز، ولكن سينما (الدنيا) كانت الأكثر تميزاً بين شقيقاتها بحكم تخصصها بعرض أفلام كبريات شركات السينما العالمية، وقد حافظت (الدنيا) على جمهورها الخاص حتى بعد أن تخلت عن أفلام (هوليود) متجهة إلى الأفلام الأوربية التي لقيت نجاحاً واسعاً، فبقيت حفلات السهرة للعائلات، في حين حجز طلاب المدارس والجامعة حفلة الثالثة ظهراً، وكانت الأهم بينها حفلة يوم الأحد ففيها كان يبدأ عرض فيلم جديد..

أدت أسباب عدة إلى تراجع العرض السينمائي، وعزوف كثيرين عن صالات العرض، وتدهورها، وسعت وزارة الثقافة للحفاظ على ألق العرض السينمائي عبر صالات (الكندي) التي أقامتها في دمشق وعدد من المدن، ومن خلال الحفاظ على الصالات القائمة ومنع تغيير صفتها.

ومع أن تقنيات عصرنا تتيح لنا متابعة أحدث نتاجات السينما فور إنجازها، فإن الحنين إلى طقوس العرض السينمائي ما يزال يتملك معظم من عاشوا زهوة مجدها.

آخر الأخبار
تأجيل امتحانات الجامعة الافتراضية لمركز اللاذقية انقطاع الكهرباء في درعا.. ما السبب؟ درعا تشيّع شهداءها.. الاحتلال يتوعد باعتداءات جديدة ومجلس الأمن غائب هل تؤثر قرارات ترامب على سورية؟  ملك الأردن استقرار سوريا جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة 9 شهداء بالعدوان على درعا والاحتلال يهدد أهالي كويا دعت المجتمع الدولي لوقفها.. الخارجية: الاعتداءات الإسرائيلية محاولة لزعزعة استقرار سوريا معلوف لـ"الثورة": الحكومة الجديدة خطوة في الاتجاه الصحيح ديب لـ"الثورة": تفعيل تشاركية القطاع الخاص مع تطلعات الحكومة الجديدة  سوريا: الدعم الدولي لتشكيل الحكومة حافز قوي لمواصلة مسيرة الإصلاحات البدء بإصلاح خطوط الكهرباء الرئيسية المغذية لمحافظة درعا الوقوف على جاهزية مستشفى الجولان الوطني ومنظومة الإسعاف القضاء الفرنسي يدين لوبان بالاختلاس ويمنعها من الترشح للرئاسة الإنفاق والاستهلاك في الأعياد بين انتعاش مؤقت وتضخم قادم إصدار ليرة سورية جديدة، حاجة أم رفاه؟ من كنيسة سيدة دمشق.. هنا الجامع الأموي بيربوك من كييف: بوتين لايريد السلام ويراهن على عامل الوقت The New York Times: توغلات إسرائيل داخل سوريا ولبنان تنبئ باحتلال طويل الأمد الاحتلال يواصل خرق الاتفاق..غارة جديدة على الضاحية ولبنان يدين السوداني يؤكد للرئيس الشرع وقوف العراق إلى جانب خيارات الشعب السوري