شعراء.. دعوة لنضع أسساً أولى لعقدٍ وطني آمن يحفظ الجميع

الثورة – رنا بدري سلوم:

العدو لا يكتم مشاريعه ضد شعبنا، ولا يوجد أي التباس في نواياه المعلنة منذ عام 1949، ويعمل لتنفيذ برنامجه، فحين يذهب الجميع إلى النوم وتترك النوافذ مفتوحة وتبدأ CIA بالعمل بدأب واستمرار، فإن العدو يستيقظ، والقاعدة لديه “دعوا أعداءنا يقتلون أعداءنا”، كيف؟.. بتدمير المجتمعات من الداخل ونسف بنيتها المجتمعية، واستغلال التناقضات البنيوية وتكريسها وإشعال بؤر الحرائق الطائفية والمذهبية، وتكريس الفساد وأمراض المجتمع لتصبح مثل مرض نقص المناعة، وتخريب جدار المناعة الوطنية، إذ يتسلل إلى مكونات الجسد فيصعب على الكريات البيض التعرف عليها ومقاومتها، إذا كيف نستطيع أن نعيد دفئنا الاجتماعي برأي الأدباء؟ “الثورة” حاورت شاعرين يمثلان سوريا بتعافيها، يكتبان عن السلم الأهلي والعيش المشترك بين مكونات المجتمع السوري تعزيزاً لثقافة الانتماء والتجذر والسيادة الوطنية.

لا وقت إلا للتسامح وإنعاش السلام

الشاعر جابر أبو حسين الطويل، يطالبنا جميعاً أنه الآن يجب أن تكسر الأقلام المحرضة على العنف والكراهية، والآن يجب أن تقطع الألسنة المسمومة بخطاب التفرقة والإثنية والعرقية والطائفية، ويجب أن يتصدر القانون الذي يتوافق عليه الجميع وينصف الجميع ويحفظ كرامة الناس، لنحاول أن نضغط على جراحنا التي أصابت الإنسانية بمقتل فليصمت المطبلون والعابثون والمحرضون في حضرة الموت والجوع والخطف والتشريد، في هذا الاقتتال العبثي بين الإخوة الكل خاسر والخاسر الأكبر هو الوطن، والرابحون والمستفيدون فقط هم الأعداء.
راجياً ومناشداً الحمية والنخوة والعقول أولاً، قائلاً: أيها الأهل من شمال سوريا المعطاء إلى جنوبها الكريم، ومن شرقها العذب الفرات إلى غربها الأخضر اليم، تخلصوا الآن من كل هذا القيح الذي رأيناه في الأيام والأشهر الماضية، وعقموا ألسنتكم وقلوبكم بماء الوطنية الصافية.. لا تتداولوا تسميات التقسيمات الطائفية التي لمعها أعداؤنا.

السوريون أخوة.. فيا أيها السوري يا أخي المشرق الجواد كالقمح في الجزيرة وضفاف الفرات أعانق فيك أخوتي السوريين الأنقياء الأصيلين كثلج جبل الشيخ.. الأسخياء الراسخين ككروم الجبل ونيسان حوران، الظرفاء الطيبين على ضفاف العاصي، البسطاء العميقين يحاورون البحر، النجباء المحسنين كاخضرار الغوطة وروح دمشق. أيها السوري انهض الآن واستل أقلامك المنذورة للعلم، وأنشد قصائدك الممهورة بالمحبة، لا وقت إلا للتسامح وإنعاش السلام والمحبة، فالمركب منخور بسوس الفتنة المشغول عليها في أقبية الظلام.. تعال نرتق معاً هذا الخرق تعال نقف في وجه السكاكين التي تحاول توسيعه واليائسين الذين لا ينفكون يرددون ان اتسع الخرق على الراتق نحن معاً نستطيع أن نرتق الخروق والجروح، نستطيع معاً أن نبني مركباً جديداً متيناً مرصعاً بالحب، مدعوماً بالعقل، مسوراً بالعلم والمعرفة والفكر.. خاتماً بالقول: نستطيع معاً أن نعيد الشّمس لسوريا الاسم والمعنى، نستطيع، معاً نستطيع يا أخي السوري.

الحرية لا تعني الانفلات والكرامة لا تتحقق بالقوة

الشاعر عبد الكريم العفيدلي بين أنه بعد سنوات من العنف والدمار والتشرّد، وبعد عقود من الاستبداد الذي صادر الحريات وكمّم الأفواه، لا تزال سوريا تقف على مفترق طرق مصيري.. إما أن نؤسس لسلام داخلي حقيقي يقوم على المواطنة والعدالة، أو نواصل الانحدار في دوامات العنف والتمزّق والانقسام.في هذا المنعطف، تبرز حقيقة لا مفر منها: السلم الأهلي ليس ترفاً، ولا شعاراً مؤقتاً، بل ضرورة وطنية وشرط وجود.. فبدونه، لا معنى لدولة، ولا أمن لمواطن، ولا مستقبل يُبنى. قد نختلف سياسياً أو فكرياً، لكن لا شيء يبرر تفكيك ما تبقى من النسيج السوري باسم تلك الخلافات، فكل دعوة تُقصي أو تُميّز أو تُشرعِن الفوضى على حساب الدولة، مهما كانت مغلّفة بالشعارات، تُسهِم مباشرةً في إضعاف سوريا وتقويض أساسها الوطني.السلم الأهلي لا يعني التستر على المظالم، بل يعني بناء عقد وطني جديد يُنهي الاستبداد من دون أن يزرع الفوضى، ويرفض القمع من دون أن يُبرّر التقسيم، ويُصالح بين مكونات الوطن.

ويشير العفيدلي إلى دور المثقف السوري بوصفه ضمير الأمة وحامل الوعي، المثقف ليس من يُصفّق للسلطة، ولا من يُبرّر الفوضى، بل من يُنير الطريق حين تعتم الأبصار، ويُعيد الاعتبار للكلمة كفعل مقاومة حضارية، لا كأداة تحريض أو تبرير للعنف.

المثقف لا يصطف خلف بندقية، ولا خلف سلطة، بل يصطف خلف القيم، هو من يُذكرنا دائماً أن الحرية لا تعني الانفلات، وأن الكرامة لا تتحقق بالقوة، وأن العدالة لا تأتي على ظهر الدبابات أو بحماية الغرباء، بل تنبع من الداخل، من توافق أبناء الوطن على صيغة عيش مشترك تحفظ الكرامة وتضمن الحقوق.

ويقول العفيدلي: “إن ما يجري اليوم من محاولات لتكريس وقائع ميدانية بقوة السلاح، أو ترويج مشاريع سياسيّة مجزأة تحت عناوين مثل “التمثيل الذاتي” و”الإدارة اللامركزية”، لا ينبغي أن يخدع الضمير الوطني. فهذه المشاريع، ما لم تُبنَ على أساس التوافق الوطني والسيادة السوريّة الكاملة، ليست سوى نسخ جديدة من التفكيك، وإن تغيرت العناوين”.

لذلك، فإننا اليوم في أمس الحاجة إلى خطاب وطني شجاع، ينادي بأننا لا نريد أن نخرج من الاستبداد لندخل في الفوضى، ولا أن نستبدل القمع بالتشرذم، ولا أن نهرب من المركزية الصلبة إلى التفكك المميت.

خاتماً حديثه بالقول: نريد دولة لجميع السوريين، لا دويلات داخل الدولة، نريد حريّة تنير الطريق، لا تشعل النار.. نريد مثقفين لا يبررون الهزيمة، بل يزرعون الوعي ويحصنون المجتمع. السلم الأهلي، إذاً، ليس ترفاً ولا دعوة عاطفية، إنه معركة وعي، وركيزة بناء، وضمانة وجود، ومن لا يدافع عنه، إنما يدفع بالبلاد إلى هاوية لا قاع لها. سوريا تستحق السلام، وتستحق منا أن نحميها من مشاريع الخارج، ومن جنون الداخل، ومن إرث الخراب، فلنكن حراس الكلمة، وبناة الجسور، وواضعي الأسس الأولى لعقد وطني جديد يحفظ الجميع، ويحتضن الجميع.

آخر الأخبار
الشيباني يلتقي سفراء دول أوروبية وآسيوية وأميركية في دمشق اختطاف المتطوع في "الدفاع المدني" يهدد العمل الإنساني في السويداء  لجنة تقصي الحقائق بأحداث الساحل: عملنا بداية لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا وكشف الحقيقة  شبكة حقوقية توجه نداء استغاثة لفتح وصول إنساني شامل إلى السويداء ودعم المُشرَّدين قسرياً خدمات إنسانية وصحية في درعا لمهجّري السويداء  "سوريا الجديدة دولة و وطن".. حلقة نقاشية في جامعة دمشق هدى محيثاوي .. صوت الوطن من  سويداء القلب  نقاشات موسعة أهمها إنشاء مركز تحكيم تجاري ..  خارطة طريق لتطوير العمل التجاري بين القطاعين العام وا... رئيس المخابرات البريطانية السابق: الاستقرار في دمشق شرطٌ أساسي للسلام الإقليمي  "حرب الشائعات".. بين الفتنة ومسارات الخلاص أحمد عبد الرحمن: هدفها التحريض الطائفي وإثارة الفوضى تآكل الشواطئ يعقد أزمة المياه مشهد يومي من جرمانا.. يوحّد السوريين ويردّ على الشائعات بالتآخي  المحامي جواد خرزم لـ"الثورة": تطبيق العدالة الانتقالية يحتاج وعياً استثنائياً  إنهاء تعظيم الفرد والديكور السلطوي.. دمشق خالية من رموز الأسد المخلوع خلال 15 يوماً الصناعة تبحث عن "شرارة".. فهل تُشعلها القرارات؟ "أوتشا": نزوح أكثر من 93 ألف شخص جراء الأحداث في السويداء  ضماناً لحقوق الطلبة.. تصحيح أوراق امتحانات الثانوية العامة بدقة وشفافية  فيدان: أي محاولة لتقسيم سوريا ستعتبر تهديداً مباشراً لأمن تركيا القومي سوريا في مرمى التضليل الإعلامي استخلاص العبر في التطبيق والاستفادة من دروس الآخرين