ظافر أحمد أحمد:
إنّ سياسة الهيمنة الأميركية وإجراءاتها التطبيقية التي لا تستثني حتى حلفاء واشنطن في التنافس التجاري واستخدام الدولار كسلاح ضغط، واعتماد إجراءات عقابية أحادية على أيّ دولة لا تسير ضمن المصالح الأميركية شكلت الدافع الأبرز للعديد من الدول كي تعمل على التخلص التدريجي من هيمنة الدولار.
وأوضح الجهود في كسر هيمنة الدولار تجسدها الخطوات الروسية التنفيذية، حيث يتم بيع قسم من النفط والغاز الروسي بالروبل، وتكرر موسكو تأكيدها بأنّ تخليها عن مسار التعامل بالدولار في علاقاتها التجارية أمر لا عودة عنه.
كما تحددت خطوات صينية وهندية عملية في مسار كسر هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، حيث اعتمدت الصين والبرازيل التسويات المالية بينهما بعملتي الدولتين ومن دون استخدام الدولار، وتعمل بكين على توسيع تبادلاتها التجارية بعملتها المحلية، وسبق للأرجنتين وإيران القيام بتسديد قيمة وارداتهما من الصين باليوان، واعتمدت الهند عملتها المحلية (الروبية) في بعض التعاملات التجارية كما يحدث مع الجانب الإماراتي على سبيل المثال.
والمسار الممنهج لكسر هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي تقوده مجموعة بريكس حصراً، ويتصدره الجهد الروسي والصيني ولكن مازال مقترح اعتماد عملة موحدة لدول مجموعة بريكس بعيد المنال نسبيا.. ويحمل التقييم الأميركي الرسمي والمعلن لمجموعة بريكس دلالات كبرى تجاه الأمور التي تعوّل عليها الولايات المتحدة لجهة (استبعادها أنّ تتحول بريكس إلى منافس جيوسياسي لها..)، وتعوّل على تباينات عديدة وخلافات في وجهات النظر بين دول مجموعة بريكس تجاه شتى الملفات الدولية.
بالمقابل فإنّ المجموعة الأقوى والتي تفرض سطوتها التجارية وأنظمتها وقوانينها على التجارة العالمية هي مجموعة الدول الصناعية الكبرى، وهي مجموعة منسجمة وما من تباينات تذكر في مواقفها تجاه شتى الملفات العالمية..
ولكن عند البحث في الانسجام شبه المتطابق لمجموعة الدول الغربية تجاه شتى الملفات السياسية والاقتصادية العالمية فهذا مرده لفعالية الهيمنة الأميركية عليها، وعند البحث في التباينات بين دول بريكس فهذا مرده إلى احترام خصوصية كل دولة و(سيادتها السياسية والاقتصادية)، ولكن يبقى العامل الأهمّ أنّ بريكس والراغبين في الانضمام إليها ومع شتى تبايناتهم متفقون في هدف واحد نتيجة معاناتهم من سطوة الدولار عليهم، ويكفي تركيز بريكس على مسار اعتماد التبادلات التجارية بالعملات المحلية لكسر سطوة الولايات المتحدة على التجارة العالمية، وسواء تأخرت بريكس باعتماد عملة موحدة جديدة أو لا فإنّ العقوبات الأميركية على شتى الدول تدفع بالمزيد من الإجراءات لمواجهة (سلاح الدولار)، والقادم وإن طال انتظاره أوضح.