ديب علي حسن:
منذ قرن ونيف وحين استد ظلم المحتل العثماني ومن بعده الفرنسي شد الكثيرون من أبناء العروبة الرحال إلى العالم الجديد في الأمريكتين الشمالية والجنوبية .. وهناك استطاعوا أن يحفروا بقوة العمل والإخلاص مجرى عميقا في دروب الحياة .
في الغربة كان الحنين إلى الوطن ،صحيح أنهم هاجروا أجسادا لكن أرواحهم ظلت معلقة بأرض الوطن يفرحون لفرحه ويحزنون لحزنه .
وفوق هذا كله نشأت أندر ظاهرة في تاريخ الأدب العالمي أي الأدب المهجري فلم يشهد تاريخ الأدب العالمي مثلها أن يبدع شعراء وهم على بعد آلاف الأميال بلغتهم الأم ويؤسسوا للون من الابداع نوازعه الحنين والهم القومي والاجتماعي ومن بعد النجديد في اللغة والأسلوب والمعنى.
هل نذكر بجبران ونعيمة ومعروف وفرحان والقروي وغيرهم ..
ظاهرة ثقافية وفكرية و إبداعية انت ثمارها وكان لابد للمغتربين أن يوحدوا الصفوف فكانت منذ نصف ( فيااراب) التي تعقد مؤتمرها الآن في دمشق سورية الوطن الأم والقلب والغاية.
وإذ ينعقد هذا المؤتمر ليناقش موضوعات مهمة يجب ألا يغفل الجانب الثقافي والإبداعي فهو الأقدر على مخاطبة العقل الغربي والعمل وفق رؤى يجب أن تعد مسبقا .
ويجب الاعتراف أن جسور التواصل الثقافي والفكري والإعلامي معهم ليست كما يجب ولم تصل المستوى المطلوب ولابد من تفعيل هذه الطاقات الخلاقة وفق ما تراه هي فهي الأدبي بما يحب أن تقوم به .
وإذا كنا نستذكر الأدب المهجري الذي أنتجه المهاجرون الأوائل وقد أسماهم الدكتور عمر الدقاق ( العنادل المهاجرة ) طبعا جمع عندليب _ فجميل أن نقدم لحنا من ألحان إبداعهم بلسان شفيق معلوف إذ كتب قائلا :
أي صوتٍ أدعى غداة التنادي
من دعاء الأكباد للأكبادِ
نشِط الشوقُ للإياب ونادى
باسم لبنان في الضلوع مُنادِ
صدقت ذمَّة الزمان فعدنا
ننفضُ الجمرَ من خلال الرَّمادِ
قرُبَ الشطُّ فليُقلَّكَ بين ال
موجِ والشوقِ هودجٌ متهادِ
هاك ملهى الصِّبا، فيا قلب لملم
ذكرياتي على ضفاف الوادي
موطني، ما رشفت وِرْدكَ إلا
عاد عنه فمي بحُرقةِ صادِ
في قلوب المغربين جراحٌ
حملوها على الجباه الجعادِ
يوم دَقُوا سواحل الشرق بالغر
بِ ولم يَهْدهم سوى العزمِ هادِ
كلَّما احتكَّت المجاديف شعَّ ال
أفقُ منهم بكوكبٍ وقَّادِ
وزَّعتهم كفُّ الرّياح فهلاّ
جمعتهم يدُ النسيم الهادي
غُصَصُ الأمَّهات ما هي إلاّ
ذِممٌ في خفارة الأولادِ
حان أن يخنقوا الشراع ويطووا
علمَ الفتح بعد طولِ الجهادِ