عمال القطاع الخاص.. بيئة عمل غير متكافئة واستثمار خاسر للمهارات

الثورة-محمود ديبو:
غالباً ما يدرك أصحاب العمل أهمية فرصة العمل بالنسبة للباحثين عنها واللاهثين ورائها وخاصة في مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، الأمر الذي يدفع بالبعض من أصحاب العمل لاستغلال هذا الأمر لصالحهم، في فرض شروطهم على طالب العمل لجهة الراتب أو ساعات العمل أو طبيعة العمل وصولاً إلى إمكانية صرفه من العمل بسبب أو بدون سبب أو التلويح بذلك لمزيد من فرض الشروط التي غالباً ما تكون مجحفة بحق العامل.
في المنشآت الخاصة
أكثر ما نلاحظ هذا في علاقات العمل الرائجة في المنشآت الخاصة سواء كانت صناعية أو تجارية أو خدمية أو سياحية، حيث نجد أن نسبة كبيرة من العمال في تلك المنشآت يعملون بدون عقود عمل نظامية ومسجلة في دوائر التأمينات الاجتماعية وهذه الشريحة من العمال عليها أن تبقى دائماً جاهزة للتكيف والتأقلم مع متطلبات صاحب العمل أو الإدارة التنفيذية بغض النظر عن كون مثل تلك المتطلبات تحقق العدالة في العلاقة ما بين العامل وصاحب العمل أم لا.
مثل هذه البيئة غير المناسبة للعمل أدت إلى تكون ظاهرة ما يسمى بدوران اليد العاملة حيث تجد أن البعض من العمال يتركون العمل تحت ضغط تلك المتطلبات غير الموضوعية من قبل صاحب العمل، أو أنهم يسرحون بشكل تعسفي دون أن يكون لديهم حق الاعتراض أو مراجعة أي جهة ترعى حقوق العمال وتسعى لمساعدتهم في مثل هذه الحالات وذلك لسبب بسيط هو أن العامل لا يرتبط بعقد عمل في المنشأة التي يعمل بها وهذا بحد ذاته يعطي صاحب العمل فرصة أكبر في فرض شروطه دون أن يحسب حساب لأي تبعات قانونية أو حقوقية للعامل.
من طلاب الجامعات
ففي القطاع السياحي مثلاً وتحديداً في المطاعم والسناكات والكافيهات نجد أن نسبة لا بأس بها من العمال هم من طلاب الجامعات أو حتى طلاب المرحلة الثانوية يعملون في فترة الصيف ومنهم من يستمر خلال العام الدراسي لظروف مادية بحتة، هؤلاء نجدهم غير محميين لا قانونياً ولا نقابياً مع العلم أنهم هم الذين يشغلون المنشأة وعليهم تقع مسؤولية تقديم الخدمات كاملة للزبائن.
يروي أحد العمال وهو طالب في الصف الثاني الثانوي إنه عمل بأحد السناكات المصنف (نجمتين) لأكثر من عام كامل كان خلال هذه الفترة يتعرض للكثير من الضغوط نتيجة مزاجية المستثمر ومدير العمل الذي استشعر حاجته للعمل فاستغل هذا الأمر لدرجة كبيرة، بدأت بإعطائه راتباً شهرياً متواضعاً جداً في حين أنه يقوم بخدمات التنظيف في المنشأة وفي عدة أقسام كما يقدم خدمات للزبائن في قسم (البار) ويطلب منه القيام بأعمال غيرها، وبمجرد أن يحصل طارئ فإن مدير العمل يلجأ فوراً إلى عقوبة الحسم من الراتب وبمبالغ ليست قليلة كعقوبة، الأمر الذي دفع بهذا الشاب إلى التفكير بترك العمل لكنه بقي يتحمل لعدة أشهر حتى وجد فرصة عمل جديدة وأفضل في مكان آخر وبالفعل ترك العمل بالمنشأة التي كان يعمل بها فهو غير مرتبط بعقد عمل تحدد فيه حقوق العامل وواجباته..
في مثال آخر وجد شاب جامعي نفسه مضطراً لتحمل مدير جديد تم استقدامه لإدارة المنشأة السياحية التي يعمل بها بعد انتهاء عمل المدير السابق، حيث جاء المدير الجديد ليعمل على إعادة ترتيب العمل ولفرض إيقاع جديد من باب ترك شعور لدى العمال بأن هناك تغييراً حقيقياً حدث على صعيد الإدارة، وبذلك ولأن المدير الجديد لا يعرف شيئاً عن العمال، من يمتلك كفاءة، ومن هو مقصر في عمله، ومن هو المهمل، وهل بعضهم متسيب، و….، فقد بدأ بالتعامل مع الجميع على أنهم مذنبين أو أنهم على سوية واحدة من الالتزام والمهارة والتقيد بالتعليمات، ولعله محق في هذا حتى يتبين له وضع كل عامل ومدى مهارته وكفاءته والتزامه..لكن هذا الأمر ترك أثراً سلبياً لدى العمال المهرة والبعض منهم بدأ بالتفكير في ترك العمل في حال استمر الوضع على ما هو عليه من سوء تقدير الإدارة للعمال وعدم إنصافهم في منحهم الأجر المناسب لمهاراتهم وإمكانياتهم المهنية.
عدم الاستقرار
حالة عدم الاستقرار هذه التي يواجهها العمال في بعض من منشآت القطاع الخاص عموماً، وفي القطاع السياحي على وجه الخصوص، مردها إلى عدم توصل الجهات المعنية سواء في الوزارات المعنية بكل قطاع أو الجانب المتعلق بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى صيغة واضحة للتعامل مع الكثير من الحالات وتحديد آليات واضحة للتشغيل وتنظيم عقود العمل وضبط واقع العمل في القطاع الخاص وإلزام أصحاب العمل بتنظيم عقود تضمن حقوق العامل وتحدد واجباته، على الرغم من وجود قانون ينظم العلاقة ما بين العامل وصاحب العمل، وعلى الرغم من وجود نقابات معنية بالدفاع عن حقوق العمال والسعي للحد من المشكلات التي تواجهه.
وفي مثال حي حصل في أحد المطاعم اضطر صاحب العمل للإغلاق لمدة شهرين ونيف تقريباً وذلك بعد أن ترك جميع العمال دفعة واحدة العمل لديه بسبب عدم التزامه بدفع الأجور المناسبة وسوء التعامل، حيث اتفق هؤلاء وتركوا العمل صبيحة يوم كانت فيه صالة المطعم ممتلئة بالزبائن تاركين صاحب العمل في مأزق لا يحسد عليه أمام الزبائن..!!
هي مسألة تحتاج إلى الكثير من الاهتمام اليوم لإعادة بحث صيغة علاقات العمل في القطاع الخاص والمشترك في ضوء ما هو مطلوب من هذا القطاع من مساهمة في عملية التنمية في البلاد، وما يحصل عليه من تسهيلات ومزايا وفرص استثمارية أدت إلى نمو واضح للرأسمال العامل وتحقيق أرباح مجزية حصل عليها أصحاب العمل تبدو واضحة المعالم في إطار توسع نشاط البعض وزيادة استثماراته في عدة مجالات أو في زيادة عدد المنشآت المستثمرة.
وللعامل في هذه المعادلة حق لا بد من صونه وضمانه لكونه هو المحرك الأساسي لكل استثمار ولكون جهوده هي التي تؤدي إلى تنامي ثروات المستثمر وتطور أرباحه، فمن باب أولى أن يحسب حساب هذا العامل الذي لا يملك رأس مال سوى جهده وعمله وخبرته ومهارته يقدمها مجتمعة في المنشأة التي يعمل بها، وبالتالي من الضروري أن يحصل على ما يوازي ذلك بما يضمن له عيشاً كريماً وحياة مستقرة مع أسرته، وبالتالي استمراره بالعمل وتقديم كل ما يملك من خبرة عملية لصالح المنشأة التي يعمل بها.

 

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية