“أوراسيا ريفيو”: انتهاكات حقوق الفلسطينيين سياسة إسرائيلية

الثورة – ترجمة وجيها رومية:
لم يكن إذلال النساء الفلسطينيات على يد “الجنود الإسرائيليين” في مدينة الخليل المحتلة في شهر تموز هي الحادثة الأولى من نوعها، ومن المؤسف أنها لن تكون الأخيرة أيضاً.
وفي الواقع، فإن قيام وحدة عسكرية إسرائيلية بتجريد خمس نساء من ملابسهن أمام أطفالهن، وعرضهن عاريات حول منزل أسرتهن ومن ثم سرقة مجوهراتهن، لم يكن عملاً عشوائياً. الأمر يستحق التفكير العميق.
فهم الفلسطينيون بحق هذا الحدث – الذي حققت فيه مجموعة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” بشكل مطول، والتي نشرت نتائجها في تقرير نُشر في 5 أيلول الجاري – باعتباره سياسة إسرائيلية مقصودة.
وقد تم بالفعل ربط العديد من الهجمات التي نفذها فلسطينيون في أريحا والقدس بالدعوة إلى الانتقام التي أطلقتها الجماعات الفلسطينية، بما في ذلك التجمعات النسائية.
وقالت متحدثة باسم مجموعة نسائية في غزة الأسبوع الماضي: إننا نتوقع من المقاومة “ألا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الحادث الشنيع” .
وقالت الجماعة إن “عشرات الجنود الملثمين ومعهم الكلاب “داهموا عائلة العجلوني جنوب الخليل. ثم “قاموا بتقييد أيدي ثلاثة من أفراد الأسرة”، بمن فيهم قاصر، “وفصلوا الرجال عن النساء والأطفال، وبدؤوا تفتيشًا موسعًا لهم ولمنزلهم”.
وتلا ذلك الحادث الأكثر إذلالاً، حيث قامت “مجندات ملثمات” بتهديد أم بكلب، وإجبارها على التعري أمام أطفالها. وتكررت المعاملة المهينة ضد أربع نساء أخريات، حيث أجبرن على التنقل عاريات من غرفة إلى أخرى. وفي الوقت نفسه، كان جنود آخرون مشغولين بسرقة مجوهرات العائلة، بحسب التقرير.
تجاهلت وسائل الإعلام الغربية التحقيق، على الرغم من أنها نشرت بحماس تقارير عن الهجمات الانتقامية على جنود الاحتلال الإسرائيلي التي نفذها شباب فلسطينيون في أريحا والقدس، ولم تقدم سوى القليل من السياق أو لم تقدم أي سياق لما اعتبرته “إرهابًا فلسطينيًا”. لكن نساء الخليل وعائلة العجلوني هم الضحايا الفعليون للإرهاب – الإرهاب الإسرائيلي.
على الرغم من أن حادثة الخليل كانت بمثابة تكرار للعديد من الانتهاكات لحقوق الفلسطينيين وكرامتهم على مدى سنوات عديدة، إلا أنه لايزال هناك الكثير مما يمكننا تعلمه منه.
إن إذلال الفلسطينيين هي سياسة إسرائيلية فعلية ولا يمكن أن تعزى إلى “عدد قليل من التفاح الفاسد” في “الجيش”. ويمكن إثبات هذا التأكيد بسهولة من خلال مقارنة سريعة لسلوك الميليشيات الصهيونية خلال نكبة 1947-1948 مع الأحداث اللاحقة، وفي نهاية المطاف، مع الأحداث الأخيرة في الخليل.
قدم كتاب “التطهير العرقي لفلسطين” للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابي مقاطع مضيئة، على الرغم من صعوبة قراءتها، حول اغتصاب النساء الفلسطينيات خلال تلك السنوات المروعة. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية العام الماضي أن المراجع الحساسة قد أزيلت عمداً من الوثائق العسكرية الإسرائيلية التي رفعت عنها السرية فيما يتعلق بالأحداث التي أدت إلى النكبة. ومن بين هؤلاء أهارون زيسلنج – أول وزير للزراعة في “إسرائيل” – حيث قال: “يمكنني أن أسامح حالات الاغتصاب، لكنني لن أسامح الأفعال الأخرى”.
وكانت هذه القسوة متسقة تماماً مع السلوك والمواقف العنيفة التي أبدتها الميليشيات – التي شكلت فيما بعد الجيش الإسرائيلي – وقادتها، بما في ذلك ديفيد بن غوريون، الذي أصبح فيما بعد أول رئيس وزراء “لإسرائيل”. وفي الوثيقة، دعا الأب المؤسس لإسرائيل إلى “محو” بعض القرى الفلسطينية، حيث تمت إزالة هذا أيضاً من الكتاب الذي تم إصداره.
معظم الإسرائيليين لا يدركون هذا الماضي الدنيء، وذلك ببساطة لأن المادة محظورة في المدارس. ويحظر ما يسمى بقانون يوم الاستقلال – المعروف أيضا باسم قانون النكبة لعام 2009 – “أي ذكر للنكبة أو الإشارة إلى إقامة إسرائيل كيوم حداد”، بحسب المجموعة القانونية “عدالة”.
ورغم أن إسرائيل نجحت في خداع شعبها فيما يتعلق بماضيه الجمعي، فإن العمليات التاريخية التي أنتجت مثل هذا العنف لاتزال قائمة. وهذا يعني أن “إسرائيل” تستمر في إعادة إنتاج نفس العنف بأشكال مختلفة، على الرغم من أن كل جيل لا يدرك إلى حد كبير كيف أن سلوكه هو استمرار لنفس تراث الأجيال السابقة.
وهذا يعني أيضاً أن الجنود الذين أذلوا النساء الفلسطينيات في الخليل، من المحتمل أنهم لم يكونوا على علم بالعنف الجماعي الذي رافق النكبة؛ وربما لا يكونون على علم بمصطلح “النكبة”. لكن سلوكهم يدل على ثقافة العنف في “إسرائيل”، والعنصرية المتجذرة والرغبة المستمرة في إذلال الفلسطينيين.

وكان هذا صحيحاً بنفس القدر خلال الانتفاضة الأولى، الانتفاضة التي امتدت من عام 1987 إلى عام 1993. ففي ذلك الوقت، كان العنف الجنسي يسير جنباً إلى جنب مع العنف الإسرائيلي ضد السكان الفلسطينيين. وكان الاعتداء الجنسي على النساء الفلسطينيات أثناء الانتفاضة، وخاصة في السجون الإسرائيلية، أمراً شائعاً. واستخدم “الجيش الإسرائيلي” هذا التكتيك لانتزاع اعترافات أو لثني الناشطات وعائلاتهن عن مواصلة طريق المقاومة.
كل هذا يندرج في عالم “سياسة الإذلال”، وهي استراتيجية سياسية مركزية تستخدم لفرض السيطرة والهيمنة على الدول المحتلة.
لقد تفوق الإسرائيليون في هذا المجال. ونحن نعلم ذلك بفضل التقارير العديدة التي قدمها الفلسطينيون أنفسهم وأيضا بسبب شهادة الإسرائيليين. وقد ظهر ذلك بوضوح في التقارير التي قدمتها مجموعة “كسر الصمت”، المكونة من إسرائيليين إما تركوا الجيش أو رفضوا الانضمام إليه. وقد أشار العديد من هؤلاء الرافضين الذين تحدثوا علنًا إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وإهانتهم على أيدي الجنود الإسرائيليين كأحد أسباب انسحابهم.
كل هذا يوضح أن مثل هذه الأحداث ليست هامشية ولا معزولة، ولا يقوم بها فقط جنود منهكون عقلياً ومخالفون لقواعد الجيش. العكس تماماً هو الصحيح. وفي الواقع، فإن التدهور الجنسي للمرأة الفلسطينية هو مجرد جانب واحد من سياسة الإذلال الطويلة والمستمرة في فلسطين المحتلة.
وعندما يقاوم الفلسطينيون فإنهم يفعلون ذلك من أجل استعادة أرضهم، إلى جانب حرياتهم الأساسية وحقوقهم الإنسانية، وأيضاً من أجل استرداد شرفهم الجماعي، الذي يدوسه “الجيش الإسرائيلي” يومياً.
المقاومة في فلسطين ليست مجرد استراتيجية لاستعادة وطن مسروق. إنها توفر، على حد تعبير فرانتز فانون، إحساساً بالتحرر من اليأس والتقاعس عن العمل، وهو عمل جماعي لاستعادة احترام الذات. وهذا ما يفسر استمرار الفلسطينيين في المقاومة لسنوات عديدة قادمة.

المصدر – أوراسيا ريفيو

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة