رنا بدري سلوم
بعيدون عن أضواء الكاميرات، والبهرجة الإعلانية، لا يستطيعون المشاركة في معارض رفيعة المستوى، بل يكتفون بعرض منتجاتهم على أرصفة الطرقات وفي الهواء الطلق، وكأنها تحكي معاناة من صنعها، أيادٍ خشنة قسى عليها الزمن فأبدعت مشغولات لحرفٍ يدويّة صارت مصدر دخل ورزق لصانعيها، مصياف وقرى جبلة والشيخ بدر من المناطق السورية التي تشتهر بصناعة هذه الحرف بل ويتفنن مسوقوها بعرضها في محلاتهم المخصصة لهذا الفن القديم المتجدّد، وهو ما تراه فارشاً الأرض وملتحفاً السماء متكيفاً مع التقلبات المزاجية للفصول ينتظر من يشتري هذه المنتجات التي تذكرنا بأجدادنا من إبريق الفخار إلى الملعقة الخشبية إلى سلّات القش، وغيرها من المشغولات التي لها تاريخ متجذّر في نفوسنا.
حرف بحاجة إلى إنقاذ ولايكفي أن نعلمها فقط، بل يجب أن نخصص لها سوقاً تجارياً في كل المناطق السورية، فمن يعمل بها هو حرفيّ أصيل وكأفراد هم زوجة شهيد أو مراهقة التي تركت تعليمها للبحث عن عمل وطفل يريد أن يحترف مهنة، إن أرواحهم المتعبة تلك تصنع من المادة الجوفاء روحاً متجددة من حقهم أن ينالوا لصاقة رسمية كتب عليها: صنع في سورية لتجوب أعمالهم المحافظات، ويصدّر ما يبقى للخارج للمشاركة في معارض دولية، لا أن يمارس الحرفيون شغفهم بصمت في الظل وتحت أشعة الشمس.