د. م. محمد رقيه
بدأت العاصفة “دانيال” في 4 أيلول 2023، واستمرت حتى 11 منه وحدثت من خلالها فيضانات عاتية بسبب الأمطار الغزيرة وضربت جنوب شرق أوروبا وأجزاء من شمال إفريقيا بما في ذلك تركيا واليونان وبلغاريا وليبيا.
في البداية ظهرت منطقة ضغط جوي منخفض فوق البحر الأيوني حيث ساهمت حرارته في إنتاج الرطوبة اللازمة لتكوين العاصفة.
في 4 أيلول انتقلت العاصفة باتجاه اليابسة فوق شبه الجزيرة البلقانية ما أدى إلى هطول أمطار غزيرة على المنطقة، بعد ذلك تحركت العاصفة باتجاه الشمال الشرقي. في 8 أيلول اكتسبت العاصفة خصائص استوائية فرعية وانتقلت إلى الجنوب الشرقي قبل أن تتحول إلى إعصار استوائي في اليوم التالي.
دخلت العاصفة اليابسة بالقرب من مدينة بنغازي في ليبيا كعاصفة استوائية في 10 سبتمبر، ثم استمرت في التحرك باتجاه الداخل والحدود المصرية قبل أن تتحول إلى منخفض جوي عادي، وهذا شيء غريب حدوثه في البحر المتوسط.
في 9 أيلول تحولت العاصفة التي كانت في البداية منخفضاً استوائياً فرعياً إلى عاصفة استوائية فرعية، حيث سُجلت سرعة الرياح (83 كيلومتراً في الساعة)، واستمرت ثلاثة أيام في وسط اليونان، وأوضح خبراء الأرصاد الجوية أن عاصفة بخصائص شبه استوائية في شهر سبتمبر يعتبر من الأمور النادرة جداً والسبب الأساسي في ذلك بتقديري هو ارتفاع حرارة مياه المحيطات ومياه البحر المتوسط الذي حولها إلى عاصفة شبه استوائية وهذا بدوره مرتبط بظاهرة الاحتباس الحراري وانطلاق غازات الدفيئة التي أدت إلى التطرف المناخي الذي نشاهده حالياً في مختلف مناطق العالم.
وصاحب العاصفة تشكل السيول والفيضانات بالإضافة إلى الرياح العاتية وارتفاع الموج عن مستوى سطح البحر.
تسببت العاصفة دانيال” بهطول أمطار شديدة الغزارة أدت إلى حدوث فيضانات عارمة في أجزاء عِدّة من اليونان وتسببت في مقتل 10 أشخاص وأضرار بمليارات الدولارات، وقد تلقت منطقة مغنيسيا الجبلية هطول أمطار تراوح ما بين 600 إلى 800 ملم خلال 24 ساعة فقط، و هو أمر غير مسبوق في تاريخ الأرصاد الجوية اليونانية.
و بالمثل تأثرت أيضاً اسطنبول في تركيا و بلغاريا بفيضانات و سيول جراء هطول الأمطار الغزيرة والتي أدت إلى وقوع وفيات.
انتقلت العاصفة إلى ليبيا في ١٠ أيلول وتسببت فيها خسائر كارثية نتيجة هطول أمطار غزيرة وفيضانات شديدة في شمال شرقها، وقال وزير الصحة الليبي إنه يُشتبه في وفاة ما يصل إلى 10000 شخص وربما يصل عدد المفقودين إلى عشرات الآلاف، الكثير منهم في مدينة درنة الأكثر تضرراً، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 100000 نسمة، ووفقاُ لتقرير «فوكس نيوز» قد يكون عدد القتلى أعلى من ذلك بكثير، وقد يستغرق الأمر أسابيع لمعرفة حجم الخسائر الجماعية، حيث كانت العاصفة المطيرة قوية بما يكفي لإحداث فيضانات دمرت السدود وجرفت أحياء بأكملها في مدن ساحلية متعددة ووصف الخبراء هذا الحدث بأنه شديد الغرابة من حيث كمية المياه المتساقطة في غضون 24 ساعة وأدى ذلك إلى ارتفاع منسوب مياه الفيضانات إلى 3 أمتار في بعض المناطق.
وقد أعلنت ليبيا ثلاث مناطق في محافظة برقة الشرقية منطقة منكوبة بسبب الفيضانات وطلبت المساعدة الدولية، وأظهرت التقارير الأولية أن عشرات القرى والبلدات «تضررت بشدة… مع فيضانات واسعة النطاق، وأضرار في البنية التحتية، وخسائر في الأرواح»، ويبدو أن الدمار كان أكبر في درنة وأصبح من الصعب الوصول إليها، ويُعتقد أن العديد من الأشخاص المفقودين قد جرفتهم المياه بعد انهيار سدين على النهر.
وقد تم محو مناطق سكنية بأكملها على طول النهر الذي يمتد من الجبال إلى وسط المدينة، بينما المباني السكنية متعددة الطوابق التي كانت واقعة بعيداُ عن النهر، انهارت الآن جزئياً وتقول وسائل الإعلام المحلية إن الوضع «كارثي» مع انقطاع الكهرباء والاتصالات.
والمدن الأكثر تضرراً هي درنة، بنغازي، البيضاء، سوسة، وبلدتي عمر المختار وشحات، وبلدة مرج، وقد وصلت العاصفة إلى مصر في شكل منخفض جوي عادي حيث وصلت إلى الحدود الغربية المصرية منذ فجر الاثنين، وبلغت السلوم وسيدي براني وسيوة.
هذا كله نتيجة ما فعلت أيدينا بكرتنا الأرضية والقادم أعظم ومن المتوقع أن نشهد شتاء قاسياً جداً في منطقتنا بسبب عبث الكثير من الدول وعلى رأسها الغربية بمناخ الأرض.
*مرفق صور فضائية توضح حركة العاصفة وصور أرضية لبعض آثارها.