تتعدد أساليب العدوان وتتبدل وسائله وفق الظروف والمستجدات والمتغيرات الدولية والإقليمية والذاتية في كل فترة، وهذه الرؤية التي بدت واضحة لنا منذ بدء العدوان الإرهابي المعولم على سورية، إذ أننا كنا على ثقة كاملة بأن المعتدين الذين وضعوا لأنفسهم هدف تدميرنا، لن يتركوا فرصة إلا وينفذونها طالما لم يصلوا إلى هدفهم، الأمر الذي عايشناه وخبرناه على امتداد السنوات الماضية، إذ تتكشف في كل يوم طريقة جديدة للحرب في ميدان ما، لتبقى المعركة الإعلامية ذلك الميدان الأرحب للمواجهة باعتباره مرافقاً لكل خطوة من خطوات العدوان.
صحيح أن الأساليب تتبدل وتتغير وتحاول أن تأخذ لبوساً مغايراً للحقيقة لكن الحرب الإعلامية والنفسية تمضي مترافقة مع كل خطوة، تصوغ حكايات وتقدم روايات تتوافق أكاذيبها مع الهدف المرحلي والساحة التي تجري فيها المعركة، فبعد المحاولات العسكرية الفاشلة تبدأ المناورات السياسية والدبلوماسية متخذة من المؤتمرات والاجتماعات الدولية والمنظمات الدولية منابر مواجهة ساخنة تعطي الحرب المستمرة بعداً جديداً فيما العين تبقى مركزة على الهدف الأبعد.
لقد كانت الحرب المعقدة والمتداخلة ميداناً للمنازلات الكثيرة التي لم تتوقف لحظة واحدة، بل كانت تزداد شراسة وعنفاً وخبثاً، في تداخلات تعكس حجم التعقيدات المترافقة مع ذلك العدوان الإرهابي المعولم وغير المسبوق في التاريخ ، لتكون النتيجة النهائية تقتضي ثباتاً إيمانياً وإصراراً خالصاً وتمسكاً صافياً من جانبنا، مقابل الخزي والخسارة والغي والحنق وتزايد الحقد وتعدد اجتماعات الغرف المظلمة للبحث عن آليات مستجدة للهدم والتهريب من جانب قوى البغي والعدوان.
وبعدها يتجلى الصمود حاضراً في عيون أبناء شعبنا الذين أمسكوا على جمر الصمود وتحملوا كل ويلات العدوان وقدموا فلذات أكبادهم قرابين غالية على مذبح حرية الوطن وكرامته، وما زالوا رغم الحاجة والفاقة وفي ظل الحصار والعقوبات يقفون ذات الوقفة ويتخذون الموقف ذاته، يترفعون عن أخطاء أقرانهم ويأملون بتجاوز كل ما خلقته الحرب الإرهابية المعولمة لأنهم يعدونها حدثاً طارئاً وعابراً في التاريخ وهو درس لأجيال المستقبل الواعدة بمجتمع هو الأنموذج الأفضل والأجمل والأبقى لمواجهة تلك اللعبة القذرة وتحويلها إلى فرصة للنهوض والبناء، تماماً كما كان الأجداد يواجهون أكبر المخاطر خلال تاريخ طويل لم تتوقف معاركه أبداً، ولكن النتيجة كانت دوماً وأبداً واحدة تتكرر وتستعاد بأشكال جديدة وتنوع وغنى وألق يحافظ على الجوهر وإن كان بحلل جديدة.
