الملحق الثقافي- خالد حاج عثمان:
قيل قديماً – ولعصور عديدة بعدها: « الشعر ديوان العرب..وسجل تاريخهم…أيامهم..وأمجادهم…وكان الشعر مما يتباهى به العرب..كذلك كان الشاعر لسان حال قومه..المتحدث باسم قبيلته..المدافع عن حقوقها…المنافح عن شرفها…وأصالتها ضد أي عدو آخر حتى وإن كانت قبيلة جارة… بقيت هذه الأهمية للشعر العربي ماثلة على الألسن وفي الكتب والدواوين..ولذلك قيل.. إن العرب قوم شعر.. أكان ينطبق هذا على المبدع أو الجمهور المتلقي…ومن هنا أضحى للشعر رواته..وحفظته..وحماسياته وأسواقه وخيمه التي تضرب في الأمصار ليسمع أحلى القريض..ولتكتب المعلقات بماء الذهب وتعلق على أستار الكعبة… طبعاً في الألفية الثالثة..لم يبق الإبداع حكراً على الشعر…. تعددت مناحي الإبداع ومجالاته…القولية والكتابية..والفنية…. السمعية والبصرية.. ليبرز سؤال كبير: ما الإبداع الرائج الآن ..شعر نقد فن تشكيلي دراما الخ .. لماذا ؟ وكيف…. وإذ يطرح هذا السؤال ليسعدها أن تسمع وتتلقى الإجابة عليه …من المبدع المنتج أولاً والجمهور المتابع ثانياً.. *- الأدب… خاضع للعرض والطلب.. الأكاديمي الجامعي والقاص والناقد العراقي( علي عبد الرضا).. البيئة العربية غير مشجعة أو حاضنة للإبداع..إلا من كان منتمياً لجهة سياسية متنفذة…مثلاً في العراق من يحصل على تكريم خارجي يهتم به الاتحاد والصحافة والنخبة. … الأدب لاتوجد له شعبية جماهيرية وإنما شعبية نخبوية..وقد انتشرت بين النقاد المجاملات على حساب التأصيل والإبداع…وأنا بحكم معرفتي المتواضعة فإنّ الجمهور يمل القراءة الطويلة ولذلك… ومن تجربتي: حين أكتب ومضة قصيرة أوهمسة أوقصة قصيرة جداً أجد لها متابعين ومعلقين كثر.. يعني أصبح الأدب كالبضاعة يخضع للعرض والطلب من جهتي… أحبّ كل الفنون السمعية والمرئية ولكني أكتب القصة والرواية وقصيدة النثر ولدي كتب نقدية متعددة ..
*- الإبداع الرائج الشعر..والشعراء يتزايدون كل يوم:… ( الشاعرة السورية خديحة شمّا) … المجالات متعددة، المجال الشعري.. أرى الشعراء يتزايدون يوماً بعد يوم، مجال واسع للتعبير عن الرأي عن واقع عن تاريخ عن جمال وطن عن حب بكل أحواله ولماذا: الجميع بحالة ليعبر يتكلم يحاور يعيش من أجل الوطن حريته جماله بالمناقشة المثمرة والرأي العام بالتعاون مع الجميع للوصول إلى أفضل الحلول في المجال الأدبي وكل المجالات لأن الأمل بالعمل والمثابرة *- الشعر» الفيسبوكي « هو الرائج الآن ! ( الأديبة القاصة والروائية…»ملك حاج عبيد» : الإبداع هبة تعطى للإنسان وتتجسد شعرًا أو نثراً أو فناً فينميها ثقافة تجربة وممارسة إلى أن تنضج فيطلقها للمتلقين الذين تختلف أمزجتهم بين معجب بالشعر أو بالسرد أو بالفنون . لمعارض الرسم روادها وللرواية جمهورها الكبير وأفضليتها عند دور النشر وفي المبيع إلى زمن قريب فليس أمتع من أن يغادر الإنسان واقعه إلى عالم بديل يعطيه الفكرة والمتعة .. أما الفن الرائج الآن فهو الشعر وخاصة على الفيس بوك، يبدو أن الجميع قد استسهلوا الشعر وخاصة قصيدة النثر، فالكل أصبح شاعراً .. في الماضي كان عدد الشعراء محدودًا وكانوا يتمتعون بشهرة واسعة ليس في أقطارهم فقط ولكن في الوطن العربي كله مثل السياب وصلاح عبد الصبور ونزار قباني وأدونيس ومحمود درويش وسميح القاسم، وقبلهم كان شوقي وحافظ إبراهيم وجبران وخليل مطران والقائمة تطول وكنا نحفظ بعض قصائدهم تطوعاً فالشعر فكرة وعاطفة وصورة وموسيقا، قصيدة النثر تجاهلت الموسيقا وتشظت فيها الأفكار فأنت لاتستطيع أن تكمل مابدأت قراءته عند الكثير من شعرائها ولاتستطيع أن تحفظ مقطعاً منها، ومع ذلك فقد انهالت عليهم شهادات التقدير والألقاب الفيسبوكية .. وبالمقابل فأنت تقرأ لمن يمتلكون موهبة من شعراء قصيدة النثر فتنشد إليهم وتحس بأن أمجاد الشعر القديمة قد عادت إليه ولكن لن تجد الشاعر الذي تخطت شهرته البلد الذي يعيش فيه ربما يعود الأمر لضعف الاهتمام بالثقافة بشكل عام نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والانصراف إلى عالم اللا ثقافة التي توجه إليها وسائل الاتصال، أ ما الرواية فما زالت تتصدر المشهد ويبقى لها محبوها وكثيراً ما تلمع في سمائها أسماء تتمنى أن تقرأ لها كل ما كتبت……
*- الإبداع..محدداته وصفاته..أنواعه…ورواج أنماطه.. الأديب والناقد الطبيب..د.زهير سعود..- مجيباً باستفاضة عن سؤال الملف قائلاً: أبدأ بالتعامل مع مفهوم الإبداع الذي أصبح للأسف يلقى جزافاً وكيفما اتفق، وربّما على أفعال أو أعمال عادية لا تحمل في صلبها أي قيمة إبداعية، إن لمفهوم الإبداع تعريفات كثيرة أضف لاختلاط المفهوم بمفاهيم ترتبط به وتتمايز عنه كالابتكار والاختراع، والإبداع هو التميّز في الإنجاز بصورة تعطي إضافة للموجود فتشكل قيمة أو فائدة إضافية له، وقد عرّف وليام بلومر الإبداع باعتباره «القدرة على ربط الأشياء التي تبدو وكأنها غير مترابطة».. يثبت ذلك أن في داخل كلّ إنسان مخزون من الإبداع ولدى أغلب الناس الرغبة في التعبيرعنه، غير أن قلّة قليلة ينجحون في ذلك، ندعوهم بالمبدعين.. والإبداع يكون في مختلف مناحي الحياة حيث لا توجد محدّدات لمجالاته، والمبدعون على اختلاف مشاربهم من علماء وفنّانين ورسّامين وكتّاب ومخترعين ومفكّرين فهم يمتلكون صفات متشابهة، وفي مقدمة تلك الصفات المخيّلة الواسعة الخصبة، فيقول الإيرلندي جورج برنارد شو: «الخيال هو بداية الإبداع، إنك تتخيّل ما ترغب فيه، وترغب فيما تتخيله، وأخيراً فإنك تبدع ما تنفذه».. ومن الخصائص أيضاً امتلاك الشغف والحيوية والحماس والفضول والهمّة العالية فيما ندعوه تقديس الوقت الخاص المكرّس للعمل الإبداعي، وبالطبع فإن للتواضع نصيبه في تلك الصفات، والأهم في كل ذلك ما ندعوه «التفكير خارج الصندوق» فالمبدع غير مقلّد ويستخدم عقله في العمل على فكرته دون تدخل مباشر لرأي الغير، وفي تصنيف الإبداع فقد قام جيمس تايلور بتقسيم الإبداع لمستويات مختلفة، وأولها هو «الإبداع التعبيري» حيث تكون الأصالة والكفاءة على قدر قليل من الأهمية، وذلك ما نجده غالباً داخل الأوساط المبدعة لدينا، ثم هناك «الإبداع الإنتاجي» الذي يرتبط بتطوير آلة أو منتج، ثم «الإبداع الابتكاري» الذي يشير لتطور مستمر في الأفكار المؤدية لاكتساب مهارات جديدة.. والآن أنتقل لعلاقة المفهوم بالبيئة الاجتماعية من حيث تدخلاته الوظيفية وأشكاله ربطاً بحاجيات المجتمع والواجبات التي يتطلبها الواقع السياسي والاقتصادي، كانتشار سباق التسلح وتطوير الأسلحة في زمن الحروب العالمية، وتطوير الصناعات الزراعية والتكنولوجيا بشكل عام لتحقيق رصيد أكبر من الإنتاجية والربح.. أما على مستوى الإبداع التعبيري والذي نال واقعنا العربي منه أغلب حالاته الإبداعية فسوف نجد مشاهير وأعلاماً بمختلف الأنشطة العقلية واليدوية، كالكتابة والموسيقا والرسم والنحت والأبحاث الأكاديمية.. وفي عصرنا الراهن وهو العصر الموسوم بعصر «ما بعد الحداثة» وزمن الثورة الصناعية الخامسة، فأغلب الأعمال الإبداعية تتجه للتوفير والاقتصاد، ففي ميدان الثقافة والأدب ظهرت الرواية الجديدة أوعكس الرواية حسب تصنيف ماكس وسارتر، وأول كتّابها أصحاب مدرسة النظرة الفرنسيون، كذلك انتشرت الأجناس الأدبية القصيرة كالقطعة الشعرية والومضة الشعرية والهايكو والقصص القصيرة والومضة القصصية.
وبالطبع فمن خصائص الإبداع الحركية جني ثمار إنجازاته وتوزيعها عالمياً في زمن السوق الواحدة وشبكات التواصل، وعلى الصعيد التعبيري انتقل لبلداننا العربية تطبيق وممارسة الأشكال الحداثية للفنون، فيكون لتلك الممارسات شأنها الخاص الذي تناوله كتابي فن القصّة، ولسنا بصدده هنا. *-
الدراما هي الإبداع الرائج.. الشاعر هيثم الضايع.. الإبداع هو كل ابتكار وعطاء جديد يناسب العصر المعاش اجتماعياً وثقافياً وحضارياً في الأدب والفن…لأنهما سمتان من سمات الفكر والثقافة والحضارة…فعندما نذكر بريطانيا نذكر شكسبير…وعندما نذكر روسيا نذكر بوشكين شعراً..ودستويفسكي رواية وتشيخوف العظيم وعندما نذكر مصر نذكر أحمد شوقي وطه حسين…وعندما نذكر المعلقات نذكر امرؤ القيس.. وعندما نذكر العراق المعاصر نذكر الجواهري…ولا يخطر ببال أحد الزراعات والصناعات والتجار وما فعلوه…. والإبداع لغة من بَدعَ..والبديع هو اسم من أسماء الله الحسنى….. والمبدع ليس خلقاً جديدًا إنما فعل شيء موجود فالشعر مثلاً موجود منذ خمسة آلاف عام كما ذكرته ملحمة جلجامش ووصفته بشطرين وتفعيلة.. وتطور الشعر اليوم ليس بتشويهه وتحويله إلى منثورات . بل تكور مفرداته لتناسب العصر وهذا ينطبق على الرسم والنحت والفنون الأخرى…فالرسم ليس خربشات إنما إبداع لوحة ساحره فيها مقومات فنية فريدة بعيدة عن التقليد في الشكل والمضمون…. يبقى الشعر هو سيد الكلام والقول في بلاغته وخياله ومعانيه وسحره ولكن مانراه هو ليس شعراً بل مبعثرات كلامية تشبه الهذيان وأحياناً هزلاً كوميدياً….وهذا ينطبق على فنون الرسم والنحت والموسيقا مما أثرتأثيرًا سلبياً على ذوق المتلقي والمبدع بآن….. أما المسرح وصلت به الحال إلى الانقراض رغم أهميته وتأثيره الثقافي، الدراما هي السائدة والأكثر رواجاً على الشاشة الزرقاء الأكثر شعبية لوجودها في كل بيت …على الرغم من تعديات مثيرة طرأت عليها من كتاب ومخرجين وإعلاميين…. نعم يا أستاذ الدراما هي الأكثر تأثيراً بالمتلقي نتيجة عدة عوامل… 1 ..الأسهل تناولاً وكلفة والأكثر تداولاً 2..هي في تناول الجميع… 3 الأكثر إثارة والأسهل فهماً…. **- آخر المطاف.. وهكذا أبحرنا في خضم سؤالنا الكبير(ما الإبداع الرائج……)؟ عدنا إلى الشاطى حاملين معنا سلالنا الممتلئة جواهر الكلم..وأصداف الرؤى والآراء ووجهات النظر…عن الإبداع المشهور والرائج في الألفية الثالثة هذه..أكان ذلك من خلال المبدع المنتج للنص أو الفن..أو الجنس الإبداعي..أو الناقد..أو الإعلامي أو الجمهور المتلقي المتابع…. هل يبقى الشعر في المقدمة كما كان..هل الفنون التشكيلية هي المنظورة..السر بأنواعه..المسرح والدراما… الموسيقا والغناء…الرقص والفنون الشعبية… كل ذلك مفتوح على الجماهير المتابعة….
العدد 1160 – 19-9-2023