أثار خبر انهيار عدة شرفات لبناء سكني في قلب العاصمة دمشق قبل أيام الكثير من الاستياء لدى كل من سمع به وشاهد عبر وسائل الإعلام صور الشرفات المنهارة التي لولا لطف الله لتسببت بأضرار بشرية سببها الرئيس الجشع ومخالفة القوانين والأنظمة واعتقاد أصحابها أنهم فوق القانون وبعيدون عن المحاسبة.
رد فعل الجهات المعنية كان سريعاً ويتوافق مع فداحة وخطورة المخالفة وشكلت لجنة من الجهات المختصة قدمت تقريرها خلال 24 ساعة وأحيل المخالفون للقضاء مع إلزام المخالف بإعادة بناء الشرفات بإشراف هندسي.
المخالفة الفاضحة المرتكبة بوضح النهار وبأهم موقع في دمشق أعادت فتح ملف مخالفات البناء والتعديات على الممتلكات العامة بعد انتشارها الكثيف والخطير في مختلف المحافظات، وللأسف غالباً ما تتم المخالفات بتسهيل من بعض الجهات المعنية من مجالس مدن ووحدات إدارية، لذلك لم يعد مستغرباً أن تشاهد خلال أيام بناء أشيد هنا أو هناك بمواصفات مخالفة أو بتنفيذ سيء تظهر تبعاته لاحقاً ضرراً على ساكنيه وتشوهاً بصرياً في المنطقة لاسيما وأن المخالفات تقام عادة فوق أبنية موجودة أو على مساحات مخصصة كحدائق، وهذا مادفع أحد المعنيين في محافظة دمشق قبل أيام لدق ناقوس الخطر والتحذير من انتشار مخالفات جسيمة في عدد من.
الأحياء وخاصة «الراقية» ومنها تشييد مخالفة بناء على 4 أسطح في حي المالكي ومخالفة ضمن طابقين في حي ساروجا وتجاوزات على ملكيات مشتركة ناهيك عن الرواج الكثيف لعدد من المخالفات في حيي الميدان والزاهرة.
وقبل ذلك أعلنت مديرة الرقابة الداخلية في مجلس محافظة حلب عن إحالة 150 ملفاً للجهات المختصة بعد ثبوت ارتكاب مخالفات جسيمة تتعلق بمجال عمل مجلس مدينة حلب من أبرزها التغاضي والتستر على مخالفات بناء مقابل منفعة مادية ومنح رخص بناء خلافاً للقوانين والأنظمة والتعليمات وانتشار مخالفات البناء والترميم في أبنية المدينة القديمة بما لا ينسجم مع خصوصيتها والحفاظ على النسيج العمراني والتقصير في معالجة تقارير السلامة العامة ما يشكل خطراً على سلامة الأبنية والقاطنين وتسوية مخالفات بناء بالاعتماد على وثائق مزورة أو وقائع مغلوطة.
ما تقدم غيض من فيض التجاوزات الحاصلة في ملف مخالفات البناء ومسؤوليته مشتركة وتقع على عاتق كل الجهات المعنية بهذا الملف الخطير، وبات التصدي له ووضع حد لمرتكبيه ومحاسبة كل من يثبت تورطه بهذا الملف الخطير كون ضرره لايقتصر على البناء وإنما على حياة الناس، أمر لا يحتمل التأجيل والمماطلة ومطالبة مجلس الوزراء أمس بالتشديد واتخاذ أقصى العقوبات القانونية بحق كل من يتورط بمخالفات البناء، والالتزام بتطبيق الكود السوري للزلازل ستبقى دون فعالية إذا لم تقترن بإجراءات فاعلة على الأرض.