المال والمال ثم المال في مجال كرة القدم، لماذا نسد آذاننا بخلطة من عشب وتراب ونتحول إلى شيء آخر عندما يتعلق الأمر بمواكبة ما يحدث كروياً حول العالم ؟! ويطل علينا مرداس العجوز من كهفه متحدثاً عن وطنية الكرة وأنها لا تباع ولا تشترى بالمال ! ثم يتلوه ابنه فرناس ليزيد في النظرية أن اللاعبين والملعب والأندية والكرة كلها ملكية وطنية شعبية جماهيرية عظمى لا يجوز تخصيصها ولا خصخصتها.
فالنظرية المرداسية الفرناسية لا تستوعب أن هذا الأمر يتم بالإفقار، فلا أرعاك ولا أتركك لمن يرعاك، ولا أبني لك ملعباً ممتازاً واحداً ولا أدع سواي يفعل ذلك، لأنك ثروة وطنية والثروات مكانها تحت الأرض.
كلّ يوم بل كلّ ساعة يأتينا خبر عن شراء ثري من الأثرياء لناد عالمي مرموق بشكل طبيعي وقانوني فهي صفقة مربحة للجميع بل وللبلد الذي يلعب فيه النادي أولاً، ولم يعد معظمنا معارضاً لهذه الصفقات بل صرنا مبهورين بما تقوم به دول الخليج من صفقات عدا مرداس وفرناس.
عندنا على الثري أن ينفق على النادي من جيبه الخاص لأسباب شتى، يأتي على رأسها الانتماء للمدينة والنادي وهذا حال الأغلب، كما أن هناك جانب الوجاهة الاجتماعية، ولم يخل تاريخ كرتنا من أثرياء فعلوا ذلك تهرباً من الفساد الذي مارسوه ولو أنها كانت حالات نادرة وغير مؤكدة بأدلة بل غمرتها الإشاعات.
وحتى لو أنفق الثري ماله من أجل الوجاهة فهذا حقه، يحصل على وجاهة يستحقها لأنه يسهم في بناء رياضة بلده وسمعة مدينته وبلده، ولو افترضنا أن ثرياً أراد أن يخبئ فساده وراء النادي فهناك أنظمة وقوانين تكفل محاربة الفساد وهي مسؤولية الدولة، أما نحن كجمهور فما يهمنا بالدرجة الأولى تطور كرتنا وملاعبنا وقنواتنا الناقلة، وهذا لن يحصل في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد إلا بالخصخصة والمال والانتماء للعالم المعاصر.
إن بناء اللاعب منذ صغره يحتاج إلى المال، وتطوره البدني والفني يحتاج إلى المال والملاعب الجيدة التي يتدرب ويلعب عليها تحتاج إلى المال وجلب المتخصصين والمحترفين يحتاج إلى المال ونقل المتعة بأفضل طريقة بصرية يحتاج إلى المال والتخطيط على أخصائيين للحاضر والمستقبل يحتاج إلى المال واستثمار الرياضة في تطوير مجالات الحياة الأخرى وبناء البلد يحتاج إلى المال والمال تجلبه الخصخصة.