الثورة – غصون سليمان:
أسبوع مضى على الغياب لكن صمت الصخب مازال مدوياً في النفوس والأحاديث اليومية على كل لسان.. كأنها اللحظة الأولى للفجيعة، نعم فجيعة الفقد، ولا راد لقضاء الله.
تطحن مخيلتك الأفكار وتكاد تلفظ أنفاسك وأنت تستعرض يوميات من شجون تارة ورواق تارة أخرى، فالمهنة مشبعة بتوتر عال من التعب، وبنفس الوقت فسحة واسعة من المتعة، لطالما يستثمرها أصحاب المهنة الحقيقيون في البحث والتقصي والمتابعات اليومية لتفاصيل تخص الشأن العام والخاص،
فالصحافة والعمل الصحفي لايشبه أي عمل آخر هي بمثابة الأوردة والشرايين المحكمة في خلايا الجسد.
مهنة لم توصف بمهنة المتاعب وحرق الأعصاب عن عبث ولامجرد شعار، إنها المؤتمنة والغارقة في تظهير أدق التفاصيل.. تحكمها الأخلاق والتربية، وناموس الوفاء والولاء والانتماء.
عذوبتها رحيق الإخلاص في إنجاز ما يترتب على الصحفي ذكراً وأنثى بكل إتقان ودراية، وأسلوب يختلف في لغة الخطاب عن أي عمل آخر..
في الصحافة غالباً مانطرق أبواب الوجدان، ونخاطب الضمير، ونعاتب النفس، تزودنا العاطفة بمخزون إنساني لامثيل له، فنحن -معشر الصحفيين والصحفيات- نقيس المشاعر بدقة بحساسية الزئبق، نكاد ننسى همومنا ونعيش هم المجتمع، نسكن قلبه ونبحث في كل ما يحيط به سلباً وإيجاباً،خيراً وشراً لدرجة الذوبان ربما.. نذلل ما أمكن من صعوبات في أحاديث مع أسرتنا الإعلامية -زملاء المهنة الطيبون والطيبات-،نختلف ونتفق في وجهات النظر لكن حبل المودة لايقطع أبداً، يبدد مفعول أي لون من ألوان العتب أو التوتر كلمة طيبة مع فنجان قهوة وكأس من الشاي. وهذا ماكان يحصل قبل أن يغادرنا مسرعاً الزميل النبيل هزاع عساف أمين تحرير الشؤون المحلية في صحيفة الثورة التي نحبها جميعاً، كنا نفضفض لبعضنا مايعترينا من مشاغل وهموم، ويخفف كل منا عن الآخر مايساوره من ضيق في ظروف باتت ضاغطة على الجميع دون استثناء.. لم نيأس يوماً جميعنا كأسرة إعلامية جمعتنا أروقة مؤسسة الوحدة “جريدة الثورة”، ولم يبخل معظمنا في العطاء، خضنا معترك التجارب وتعرضنا للكثير من الصعوبات المهنية والنفسية والجسدية، لكننا لم نستسلم أو ننكفىء عن دورنا وأداء رسالتنا الإعلامية على جميع المستويات والتي لم تكن سهلة بل أكثر من قاسية عندما نفقد زملاء وأصدقاء وأحبة غادرونا دون وداع.
الأخ والزميل العزيز هزَّاع عساف لن تغيب عن مشهد العمل وأرشيف الذاكرة مليء بكل التفاصيل وحاضر في جميع الصفحات..
لروحك السلام والأمان، ولأهلك وعائلتك ومحبيك جلال الصبر.