لو أن مخرجاً واحداً من مخرجات “عشرات إن لم نقل مئات” كل اجتماع من الاجتماعات الماراتونية “الفرعية ـ المركزية / النوعية ـ العادية” التي عقدت على مدار العقدين الماضيين “على أقل تقدير” قد أخذت طريقها إلى التطبيق الجدي والتنفيذ العملي، لكانت عقدة منشار محصول الحمضيات قد حلّت من جذورها حتى نهاية أطرافها.
نعم “عقدة” .. ولو أنها لم تكن كذلك، لما كان حال محصول الحمضيات “بمختلف أصنافه” كما هو عليه اليوم والأمس وقبل الأمس .. محصول غارق بمحيط لا ببحر من التصريحات والوعود والتطمينات التي تتناوب وزارات التجارة الداخلية وحماية المستهلك والصناعة والنقل والزراعة والإصلاح الزراعي والاقتصاد والتجارة الخارجية والاتحاد العام للفلاحين “بمناسبة ومن دونها”على إطلاقها، كل حسب رؤيتها واستراتيجيتها “النموذجية ـ الحصرية” الخاصة بإخراج ملف تسويق موسم الحمضيات من عنق زجاجة ضعف الإمكانات، وغياب الأدوات، وقلة الحلول، وصعوبة القفز فوق سياج العقبات والمنغصات، وندرة الخيارات التسويقية المطروحة وحصرها ببعض الأسواق دون سواها، ومارد تحديات ارتفاع تكاليف الإنتاج، ومعضلة النقل والتسويق .. (والقائمة تطول).
كل ما سبق يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن النجاح ونيل علامة تسويق محصول الحمضيات هو الامتحان والاختبار الأهم لوزارات الدولة المعنية بهذه المهمة الصعبة لا المستحيلة التي تنتظرهم، لاسيما مع اقتراب موسم القطاف الذي يجب أن يكتب له النجاح “ولا شيء في الدنيا إلا النجاح” الذي سيكون من نصيب الجميع شأنهم في ذلك شأن الفشل، باستثناء الفلاح الذي سبق له وأن نال العلامة الإنتاجية كاملة في الامتحانات والمواسم الزراعية السابقة.
كل ما سبق لا يحتاج فقط إلى فزعة تنفيذية من العيار الثقيل جداً، وإنما يستوجب خلق ثقافة استهلاكية محلية “خاصة” عنوانها: التركيز على العصائر الطبيعية الطازجة (في الجامعات والمدارس والمستشفيات والمطارات والجهات الحكومية ..) التي لا تحتوي على قطرة واحدة من المكثفات والملونات الاصطناعية التجارية غير الصحية، وجعلها في صدارة لا في ذيل قائمة أذواق المواطنين (على حساب الشاي والقهوة والنسكافيه ..) وتربعها على عرش المشروبات والعصائر السورية، وتحويلها إلى “مشروب وطني” وعلامة فارقة ومميزة شأنها في ذلك شأن الفستق الحلبي والكافيار الروسي والمن السلوى الإيراني والتمر العراقي.

السابق
التالي