لا عقل يقبل ولا قلب يتحمل أسعار الألبسة الشتوية التي تتصدر واجهات المحال التي يصر أصحابها على المضي في فحش ربحهم وهم يعلمون ان المواطن عائد لا محالة الى محلاتهم واسعارهم الحنونة.
كيف وصلت الامور إلى هذا الحد!! بل كيف سُمح بوصولها إلى نقطة اللاعودة، فلا التاجر ولا الصناعي يقبلان بعد اليوم بتخفيض أرباحهما بعد كل ما حققوه من سيطرة على السوق، ولا الاجهزة التنفيذية قادرة بعد اليوم على ضبط الامور، فما يُمارس الان هو حرفيا احتكار القلّة مع تعديل بسيط: فالقلة في الاقتصاد تعني عددا محدودا من الاشخاص او الكيانات في حين انها اليوم كيان واحد من الاف المحتكرين الذين يسومون السوق ذات العذاب..
الأنكى من كل ما سبق هو الجودة المتدنية وسوء التصنيع وانحطاط درجة ونوعية القطع المستوردة، في حين تحفل باقي الأسواق المجاورة والإقليمية بسلع ومنتجات ذات ماركات معتبرة وعالمية بسعر أرخص من بضائعنا المصنّعة محليا معدومة الجودة وشديدة الغلاء، لكون المنتج يعرف حق المعرفة ان ما من منافس له فلماذا الجودة والخسارة على الجودة.. طبعا لا بد من ذرّ الرماد في العيون بذريعة ولو هشّة البنيان ومضحكة، وما الانسب من القول ان المواطن لن يتحمل دفع سعر الجودة التي يتمنى المنتج تحقيقها..!!
سترة واحدة براتب الموظف لأربعة أشهر، والحذاء –اعزّكم الله- بالراتب لشهرين او ثلاثة حسب النوعية، فكيف الحال والشتاء أقبل بمازوته ولباسه وتكاليف مشروباته الدافئة للأطفال وسواها من المتطلبات من غاز وبطاريات وطعام وشراب ودواء وتنقلات وفواتير وسواها والتي لا تستقيم حياتنا دونها..!!
يبدو ان المعنيين ليسوا جادين بإيجاد حلول في حين يكون المواطن الضحية وما من بصيص أمل يجعله يحتمل هذا الشتاء.
لعل احترام القول هو البداية والصراحة او المصداقية هي التالية، وكلنا يتذكر كيف كانت اخبار رفع سعر المواد تُنفى صباحا وتُرفع الأسعار ليلا دون ادنى جهد في التوضيح.
مقلق هو الحال واكثر منه مدعاة للقلق سيرورة الامور والرهان على احتمال المواطن فالرزق ضيق والفرص محدودة والاجور اكثر ندرة والأفواه تتطلب..!!
المطلوب الصراحة فالصراحة على الأقل تعني لنا احترام معاناة المواطن ولو بجملة.