الثورة – عمار النعمة:
من منّا لايعرف عبر التاريخ أهمية الأدب المقاوم في مواجهة الاحتلال، وأهمية الشعراء الذين صدح صوتهم فاختلطت المعاناة بمشاعر التمرد، لمواجهة الاحتلال والظلم والاستبداد والتسمك بالهوية والأرض.
وكما هو معروف بأن الأدب المقاوم مصطلح وضعه الأديب الفلسطيني غسّان كنفاني، ليصف الأدب الذي بدأ يُكتب في فلسطين المحتلّة عام 1948، بعد حرب النكبة حيث نادى بالوصول للحرية والاستقلال.
نعم، المقاومة بهذا الفعل واجب وضرورة لأنه مفروض على كل إنسان إعلاء القيمة الحقيقية بالمقاومة والتعبير عن الوفاء للوطن.
كثيرة هي الكتب التي تناولت الأدب المقاوم بوصفه يحمل رسالة وطنية مهمة، وربما من الكتب التي تركت أثراً في نفوسنا هو كتاب(ملامح فى الأدب المقاوم فلسطين نموذجاُ) للدكتور حسين جمعة الذي كتبه منذ سنوات ولكنه اليوم حاضر في ظل العدوان الغاشم الذي يشنه الإسرائيليون على أهلنا في غزة.
يقدم لنا الدكتور جمعة هذه الدراسة ليحدثنا عن الأدب المقاوم وملامح هذا الأدب ويتخذ من الأدب الفلسطيني نموذجاً لذلك حيث إنه زاخر بالمقاومة.
في الفصل الأول من الكتاب يحدثنا عن مواجهة الأدباء للأزمات والنكبات، وهنا يفصِّل لنا مفهوم النكبة والنكسة والأزمة وأنواعها وطبيعة مواجهتها، وفائدة ودور المواجهة بالكلمة، وهنا يتطرق للحديث عن بعض الأمثلة والنماذج الأدبية والشعرية على المواجهة بالوصف والتنديد والمواجهة بالنقد والتحليل والمواجهة بالكلمة والنفس مثل عبدالرحيم محمود، وغسان كنفاني، وكمال ناصر، وشعراء المقاومة.
يستعرض د.جمعة غزة كنموذج.. ويصف لنا الحصار والخيبة المتكررة، ودور الأدباء في مواجهة الأزمات الحربية.
الجزء الثاني من الكتاب يحدثنا فيه المؤلف عن تجليات الأدب المقاوم وتجليات الانتماء والهوية، وتجليات وحدة الموقف والمصير، وتجليات مقاومة الهزيمة والانكسار وغير ذلك من المشاهد التي يستعرضها لنا المؤلف في هذه الدراسة الممتعة.
ويرى الدكتور حسين جمعه بأن الأدب المقاوم يرتقي في معراج القيم إلى كل ما هو صاف ونبيل وسام لتحقيق كرامة الإنسان وحريته وطمأنيته، وفي ضوء ذلك فإن الناس قديماً وحديثاً شغفوا بأدب المقاومة وظهرت تجلياته بأنماط شتى ومضامين عدة، وما زالت عبقرية المبدعين تبتكر أنواعاً ومضامين جديدة تساير ارتقاء الحياة والحضارة، فهم يتوقون إلى هذا النمط الذي يؤكد التزامهم الثابت بقضايا مجتمعاتهم وهمومها وطنياً وقومياً وإنسانياً، وحينما كانت قضيه فلسطين مرتكز النضال الوطني والقومي فقد خصصنا الكتاب بها لأنه أعجز من أن يحيط بالأدب المقاوم إبان التحرر الوطني لأقطار الوطن العربي، وبهذا فإن الأدب المقاوم على الرغم انه ركَّز على المقاومة الفلسطينية المعاصرة يحمل في ذاته ملامح العام والخاص فضلاً عن أن طبيعته تتألق بروح الجذب والإثارة، ويتصف مضمونه بروح الجوهر المشرق والمثير للدهشة والمتعة، ويتصف بالثورة والتمرد على كل أشكال التقهر والظلم والاستبداد والاحتلال، وعليه فإن كتاب ملامح في الأدب المقاوم يتسع في بعض صفحاته ليخوض مجابهة شرسة مع تلك الأشكال أيا كان أربابها في الداخل وفي الخارج، فإذا تجلى أدب المقاومة حضوراً جمالياً مقاوماً لكل ما يؤذي الإنسان والجماعة من الداخل، فإن هذا الكتاب يؤكد حضوره حين يغدو فاعلاً وقوياً في الحديث عن مجابهة الاحتلال الصهيوني لفلسطين الأبية وقد سام أبناءها أشد انواع القهر والاستبداد، وهذا يثبت أن الأدباء والكتاب والمثقفين يقعون في الدرجة الأولى من المجتمع في تحمل مسؤولياتهم لتصليب الإرادة وبث الوعي بملامح المقاومة وتوثيقها لتحفيز المجتمع على التمسك بقيمه وثوابته الأخلاقية والوطنية والقومية.