الثورة _ رفاه الدروبي:
اشتهرت فلسطين بزراعتها للحمضيات منذ آلاف السنين، إذ اهتمَّ المزارع الفلسطيني بزراعة أصناف عديدة كالليمون والبرتقال بأنواعهما واليوسف أفندي، وازدهرت بيارات يافا في السهول الممتدة باتجاه اللد والرملة وغزة وطول كرم.
يتميز البرتقال اليافاوي عن مثيله المزروع في سورية والعراق ولبنان والأردن، بصفات عدة منها قشرته السميكة الحافظة للثمرة لمدة طويلة، وعصارته الكثيرة، وطعمه الحلو السكري. وعند البدء في زراعته بفلسطين نشأت البيارات المنظّمة المعتمدة على ري النواعير في النصف الأول من القرن الثامن عشر، وذكر المؤرِّخ القساطلي أنَّ عدد بساتين البرتقال نهاية القرن التاسع عشر وصلت إلى ٥٠٠ بستان، وتضم ٨٠٠ ألف شجرة.
الدكتورة نجلاء الخضراء المتخصصة في التراث من جامعة دمشق وصفت برتقال يافا بالفانوس السحري وأصبح سفير فلسطين إلى العالم ورمز تاريخها. وقد زرع الفلسطينيون البرتقال في بياراتها الموجودة أغلبها قرب نهر العوجا بسبب حاجة الحمضيات وعلى رأسها البرتقال لكميات كبيرة من المياه فسميت أرضها بالبيارات، إذ كان لا بدَّ من وجود شريان حياة يمتدُّ في أراضيها لضمان سقايتها وجودة إنتاجها، وتُحيط بها أشجار التين والرمان ويزرع شجر التين الشوكي، “الصبَّارة” كسياج حول البيَّارة.
كما أكَّدت الدكتورة الخضراء أنَّ برتقال يافا ليس مجرد ثمرة لذيذة المذاق، أو شجرة تنشر عبقها بحروف عربية، إنما نتاج لتفاعل شعب مع أرضه، وثقافة حضاريَّة مُتراكمة أدَّت إلى وضع نظام زراعي متكامل يبدأ من استخراج المياه من باطن الأرض لينتهي أمام شجرة قناديل تُضاء بمنظومة مبتكرة.
