الثورة – ترجمة ختام أحمد:
انتفضت أمريكا والغرب بأكمله لمساندة ودعم “إسرائيل”، وإدانة الفلسطينيين.
إن الازدواجية التي يعمل بها الغرب وأمريكا والمجتمع الدولي والدعم اللا محدود لصالح “إسرائيل” يُظهر مدى نفاقهم تجاه ما يحدث في فلسطين.
منذ أكثر من عقد من الزمن المدنيون الفلسطينيون في غزة واجهوا هجمات متكررة من “إسرائيل” وقتل وحصار جائر ومعاناة كبيرة جداً، لكنهم لم يثيروا أبداً ولو جزءاً صغيراً من القلق الذي يعبر عنه حالياً السياسيون والجمهور الغربي.
هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها الفلسطينيون المحتجزون في القطاع الساحلي من توجيه ضربة كبيرة ضد “إسرائيل” لا يمكن مقارنتها بالوحشية التي واجهها الفلسطينيون في غزة مراراً وتكراراً منذ أن تم دفنهم في سجن قبل أكثر من 15 عاماً، عندما بدأت “إسرائيل” عملياتها العسكرية بالحصار البري والبحري والجوي عام 2007.
تصف وسائل الإعلام الغربية عملية الهروب من السجن والهجوم الذي شنه الفلسطينيون من غزة بأنه “غير مسبوق” – وهو فشل استخباراتي كئيب من قبل “إسرائيل” منذ أن تم أخذها على حين غرة خلال حرب تشرين قبل 50 عاماً بالضبط، واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الفلسطينيين في غزة، ببدء “حرب قاسية”. لكن الحقيقة هي أن الفلسطينيين “لم يبدؤوا” أي شيء، لقد تمكنوا بعد الكثير من النضال من إيجاد طريقة لإيذاء جلادهم.
انظروا إلى مدى ضآلة التعاطف والاهتمام من جانب الغرب تجاه العديد من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين الذين تقتلهم “إسرائيل” مرة أخرى، وسوف يتم حجب معاناتهم الهائلة وتبريرها بمصطلح “الانتقام الإسرائيلي”.
ولم يهتم الغرب لمعاناة الفلسطينيين في غزة الذين يتعرضون للحصار الذي تفرضه “إسرائيل” والذي حرمهم من أساسيات الحياة، إن بضع عشرات من الإسرائيليين الذين يحتجزهم مقاتلو غزة لا يمكن مقارنته مع مليوني فلسطيني تحتجزهم “إسرائيل” كرهائن في سجن مفتوح منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.
لم يهتم الغرب للمجاعة الغذائية للفلسطينيين جراء الحصار الجائر من قبل “إسرائيل” – حيث لم يُسمح إلا بدخول كميات محدودة من الطعام، وذلك بهدف إبقاء السكان بالكاد يحصلون على الغذاء، ولم يهتم أحد عندما تقصف “إسرائيل” القطاع الساحلي كل فترة من الزمن والذي يؤدي إلى مقتل مئات المدنيين من الفلسطينيين في كل مرة، وتطلق “إسرائيل” على هذا القصف اسم “قص العشب”، وإن تدمير مساحات شاسعة من غزة هو ما تفاخر به جنرالات “إسرائيل” على أنه إعادة القطاع إلى العصر الحجري، تم إضفاء الطابع الرسمي عليه باعتباره إستراتيجية عسكرية تُعرف باسم ” عقيدة الضاحية”.
ولم يهتم أحد حقاً عندما استهدف القناصة الإسرائيليون الممرضات والشباب والأشخاص على الكراسي المتحركة الذين خرجوا للاحتجاج على سجنهم من قبل “إسرائيل”. وتُرك عدة آلاف من مبتوري الأطراف بعد أن تلقى هؤلاء القناصون أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين بشكل عشوائي في سيقانهم أو كواحلهم.
إن القلق الغربي إزاء مقتل مدنيين إسرائيليين على أيدي المقاتلين الفلسطينيين أمر يصعب استيعابه. ألم يمت مئات الأطفال الفلسطينيين خلال السنوات الخمس عشرة الماضية في حملات القصف الإسرائيلية المتكررة على غزة؟ ألم تكن حياتهم تساوي حياة الإسرائيليين – وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلماذا لا؟.
وبعد كل هذا القدر من اللامبالاة لفترة طويلة، أصبح من الصعب أن نسمع الرعب المفاجئ من جانب الحكومات ووسائل الإعلام الغربية، لأن الفلسطينيين وجدوا أخيراً طريقة ـ تعكس السياسة غير الإنسانية التي تنتهجها “إسرائيل” منذ عقود من الزمن ـ للرد بفعالية.
هذه اللحظة تمزق القناع وتكشف العنصرية السافرة التي تتنكر في شكل قلق أخلاقي في العواصم الغربية، فإسرائيل هي الطرف الأقوى والأكثر عدوانية وتقوم الآن بتدمير غزة “انتقاماً” ورداً على الهجوم الفلسطيني الأخير، “كما تقول هيئة الإذاعة البريطانية”.
ومن خلال الانغماس في الخداع الإسرائيلي، سمح حلفاء “إسرائيل” لها بارتكاب المزيد من الأكاذيب الشنيعة والغطرسة والقتل والتدمير ضد الفلسطينيين، هذا الدعم شجع نتنياهو على تهديد الفلسطينيين في غزة ودعاهم إلى المغادرة الآن، لأن القوات الإسرائيلية تستعد “للتحرك بكل قوة”.
إن الحكومات الغربية التي أرعبتها الهجمات الفلسطينية على “إسرائيل” هي نفس الحكومات التي تلتزم الصمت على جرائم الحرب الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، من قطع الكهرباء والماء والغذاء والاتصالات عن سجن غزة ـ مرة أخرى في انتقام مفترض.
إن تطلع الفلسطينيين إلى الحرية والكرامة لن يتضاءل، وسوف يظهر شكل آخر من أشكال المقاومة، وسوف يتم الرد عليهم بوحشية من قبل “إسرائيل” والغرب الذي يدعمها بسخاء، لأن “إسرائيل” ترفض التوقف عن التعامل بوحشية مع الفلسطينيين الذين تجبرهم على العيش تحت حكمها.
المصدر – ميدل ايست آي

السابق