خميس بن عبيد القطيطي- كاتب من سلطنة عمان:
المؤسف أن غزة تباد والعرب اليوم يسوقون النظريات منهم من يهاجم المقاومة ونسي أن يعرب نفسه أين موقعه من الإعراب، وهناك الأدهى الذي يتهم القسام بتحمل المسؤولية عما يحدث في غزة ويرى الانتظار وعدم الإقدام حتى تمتلك كل القدرات لمواجهة إسرائيل، متناسياً أو متجاهلاً أن الجزائر قدمت مليونا ونصف المليون في ثورتها الأخيرة فقط من أجل التحرير، وأن التحرير لا يعمد إلا على دماء الشهداء، وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق، فلو انتظر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يمتلك قدرات قريش لما تحقق النصر في بدر والخندق ولما تحقق الفتح المبين في مكة، وكذلك لو انتظر الخليفة أبو بكر الصديق حتى يمتلك القدرات التي لدى المرتدين لم يكن ليقدم على القتال في ظرف حرج، ولو انتظر الخليفة عمر الفاروق ليمتلك قدرات الفرس والروم لما أرسل المسلمين إلى اليرموك والقادسية وأيام العراق، ولو انتظر المحتل حتى حين لما تحققت الانتصارات.. فمن يمتلك مبادئ النصر قطعاً سيكون واثقا بنصر الله.
نقول إن القسام وفصائل المقاومة الأخرى حققت الانتصار منذ أول وهلة يوم السابع من أكتوبر ومازال حتى اليوم يحقق النصر المؤزر ولم تفلح قوى الصهيونية العالمية والعدوان الأمريكي الأوروبي من دخول أي محور في قطاع غزة بفضل هؤلاء الأبطال المجاهدين الصابرين أعزهم الله بمدد من عنده ونصر مؤزر بعون الله، وبالتالي فإن كل ما يمارسه الصهيوني من هجمة إجرامية وحشية طالت المدنيين الأبرياء إنما هي محاولة يائسة لصرف الأنظار عن فشله وهزيمته المخزية ومحاولة تحقيق مكاسب سياسية لم يستطع نيلها في الميدان، ولكن هيهات فهذه الفئة الصابرة التي لن تهزم منذ بداية معركة طوفان الأقصى وتكمل شهراً كاملاً عجز فيه الصهيوني من تحقيق أية نجاحات في موازين القتال والمعارك، ولم يتمكن من إسقاط موقع واحد للمقاومة فأي عز وأي نصر هذا الذي توج به هؤلاء الصامدون؟.
اليوم لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وبالتالي ليس هنا وقت الاختلافات والاتهامات ورسولنا الكريم معلمنا الأول يقول: “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ” وعليه يجب أن نعزز صمود المقاومين بكل ما يمكن من دعم فإن هلكوا لن تقوم قائمة لمشروع التحرير العظيم الذي بدأت بوارقه تتضح جليا،ً ومن لا يراها فهو لا يرى هذه البشرى العظيمة التي تجلت اليوم في أرض الرباط بيت المقدس وأكنافها وفي رباط غزة الصمود والإباء، ثقوا بالله أيها الأشقاء من أبناء الأمة العربية والإسلامية، وما يحدث اليوم من إجرام لهو تأكيد أن وعد الله يقترب وأن نصر الله آت لا محالة، وما يقوم به بنو صهيون من حرب إبادة عدوانية فو الله إن مآلاتها ستكون وخيمة على المشروع الصهيوني برمته بالزوال وقد اقترب الوعد، وهذه الثلة المقاومة هي من سوف يصلي في مقدمة الصفوف في القدس الشريف بعد تحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهذه الدماء الزكية والأرواح الطاهرة إنما هم شهداء وأحياء عند ربهم يرزقون، وعلينا أن نتأمل هذه المعركة التي حشدت لها قوى العدوان كل قدراتهم لمواجهة قطاع جغرافي صغير ولم تتمكن من تحقيق أي نجاح حتى الآن بعد شهر من العربدة والهمجية والعدوان ضد الأطفال والنساء والعجزة لم يسلم منها كل المحرمات من مشاف ومدارس ومساجد ومآو ومخيمات نازحين ومفارز إسعاف ودفاع مدني وطواقم إعلام، ولم يكتف بذلك الإجرام بل حاصر وقطع الماء والغذاء والدواء والكهرباء حتى حليب الأطفال في حصار خانق على القطاع وذلك ليرمم الصهيوني هزيمته النفسية والعسكرية ويحاول استعادة ثقة مستوطنيه وجنوده في وقت لم يفلح فيه بإعادة أسير واحد، وقد تجاوز أسراه عدد 200 وتجاوز عدد قتلاه من جنوده وضباطه 240 وتجاوزت خسائره المادية المليارات وخسائر أخرى كبيرة في المعدات العسكرية ومازال جيشه مرعوباً حيث بث الله في قلوبهم الرعب، وعلى الأمة أن تكون جزءاً من هذا النصر المؤزر بكل ما هو متاح وعلينا تجنب هذه الاختلافات في هذا الظرف الدقيق ولينصب اهتمامنا بنصرة الأشقاء في المقاومة العظيمة.
ورسالة أخيرة للمرجفين الذين يحاولون تجيير هذا الانتصار لتحقيق مكاسب سياسية للعدو ضمن نقاط التفاوض نقول لهم، خابت أمانيكم فما لم تنجزوه في ميدان القتال لن تحققوه في ميدان السياسة ودهاليزها الماكرة، فالمقاومة الباسلة هي من يفرض شروطه.