لا يختلف اثنان أن الفنون جميعها تستمد مادتها الإبداعية من واقع المجتمع الذي تنتمي إليه، تواكب الأحداث وتوثق الأزمات وربما تدخل في مواجهة حقيقية مع كل ما يجري من حروب وأوبئة، ولكن يبقى لمشاعل النور والأمل المكانة الأولى فيما تقدمه من أعمال، إيماناً منها بأن هذه الأزمات مهما طال أجلها، لابد أن يأتي يوم وتزول بفعل نضالات الشعوب وتضحياتها.
وما نشاهده اليوم على الساحة الفنية التشكيلية على وجه الخصوص يؤكد أن الفن من أهم الوسائل التعبيرية التي تستطيع أن تحمل الرسائل إلى العالم جميعه، وما يحدث في غزة من قتل ومجازر وتهجير، استطاع الفنانون تجسيده بالريشة واللون، تنديدًا ورفضاً تارة، وتارة أخرى تضامناً ونصرة لشعب فلسطين القابض على جمر النار في سبيل قضيته التي لم تهن عزيمته يوماً ولم يستسلم حتى آخر قطرة من دمه.
ولأن لغة الفن التشكيلي عابرة للحدود، يفهمها القاصي والداني، كان لها الدور الكبير في توثيق الأحداث ونشرها عبر تقنيات التواصل الحديثة لإظهار الحقيقة الدامغة التي تؤكد وحشية العدو وممارساته التي اخترقت القوانين والمعاهدات الإنسانية جميعها، فالفنان بإحساسه العالي وانتمائه لقضايا أبناء جلدته، يقدم مشاهداته وما يدور على أرضه ووطنه من أحداث، ولسان حاله يقول” نحن كنا هنا .. ورصدت أعيننا وقلوبنا كل ما يحدث”.
وكما يرصدون المعاناة، هم سفراء الإبداع أيضاً في تقديم معاني المحبة والتسامح وتقديم الجمال إلى العالم جميعه، ففي زمن الدم والخراب، نحن بأمس الحاجة لريشة فنان، تنثر عبق زهور تتضوع عطراً وتحمل راية السلام والتسامح بين شعوب العالم.
وكل ما نتمناه أن يأتي يوم تجتمع فيه ألوان العالم جميعها لترسم في غزة رايات النصر وأكاليل الغار، إعلاناً بجلاء آخر صهيوني من أرض فلسطين الصامدة الأبية.