حديث في معرض

حدث هذا قبل أكثر من عشر سنوات حين شارك الأسير المحرر الفنان محمد الركوعي في المعرض السنوي بخان أسعد باشا، كان الصحفي الأجنبي يتجول بين أرجاء المعرض المقام في خان أسعد باشا متأملاً الأعمال المعروضة ومحاوراً بين حين وآخر أحد الفنانين المشاركين بوساطة صحفية سورية تطوعت لتترجم بين الإنكليزية والعربية حين استوقفت المضيفة محمد الركوعي وقدمته إلى الصحفي الضيف بصفة مناضل فلسطيني أمضى سنوات طويلة في السجون الصهيونية، لكن الفنان طلب تصحيح الوصف ليقدم على أنه مقاتل ميداني ضد جيش الاحتلال، وليضيف بلهجة فيها الكثير من التحدي أنه خرج من السجن قبل عقدين وأكثر وأنه كان قبل ذلك يدرّس الفن ويقاتل الاحتلال، وأن شعبه سيظل يقاتل حتى نهاية أخر محتل في العالم.
كانت اللهجة التي تحدث بها غير مألوفة عنه فمنذ أن تم تحريره من الأسر الصهيوني وقدومه إلى سورية لم يتحدث يوماً بهذه المباهاة الممزوجة بالتحدي، ولم يمض وقت طويل حتى انكشف السر حين سأل الصحفية السورية على انفراد عن جنسية الصحفي الأجنبي، فلما أجابته أنه من أميركا اللاتينية عقب مندهشاً إنه صحفي صديق إذاً؟ لقد اعتقدت أنه من الولايات المتحدة فتعمدت أن أتحدث إليه بلهجة تحدي.
تلى الحدث العابر حوار مقتضب بين أستاذة جامعية شهدته، وبين الصحفية حول ضرورة ألا يؤخذ فرد بجريرة دولته فبين الأميركيين كثير من الناس الجيدين الذين يعترضون على سياسة حكومتهم، وبين هؤلاء يوجد عدد من الصحفيين المنصفين ولو كان عددهم قليلاً، وصوتهم محاصر. الحوار في واقع الأمر كان من جهة واحدة فلم يكن أحد يختلف حول رأي الأستاذة الجامعية، وبالمقابل لم يكن هناك من لم يتفهم، بل ويتعاطف، مع موقف الفنان الفلسطيني خاصة وأنه في الوقت ذاته كانت تنطلق التهديدات الأميركية للعالم أجمع بعدم التصويت لقبول فلسطين في منظمة (اليونسكو).
بعد أيام قليلة صوّت أعضاء (اليونسكو) لقبول فلسطين في المنظمة وسط رفض الولايات المتحدة وعدد من الدول التابعة لها، وفي مقدمتهم(إسرائيل) طبعاً، وبسرعة قياسية نفذت الولايات المتحدة تهديدها فأعلنت وقف مساهماتها في المنظمة الدولية التي تعنى بشؤون الثقافة والفنون.
ليت المدافعين عن الادعاءات الأميركية حول احترام القانون الدولي، والتبشير بالديمقراطية قد أخذوا العبرة من هذا الموقف، فهو من جهة يعلن عداءً لا حدود له للعرب ولقضيتهم المركزية الفلسطينية وانحيازاً مقززاً لعدوهم حتى على مستوى منظمة ثقافية، ومن جهة ثانية يقدم دليلاً لا جدل حوله عن مفهوم الولايات المتحدة لدور المنظمات الدولية لا يعدو عن اعتبارها وسيلة لتنفيذ السياسات الأميركية، وإلا فالعقوبات جاهزة.
ومن جهة ثالثة يكشف عن مدى التقيد الحقيقي للولايات المتحدة بالتزامها تجاه المنظمات الدولية حين ترفض تنفيذ ما التزمت به في الوقت الذي تطالب، وتحاسب، الآخرين بذلك.
وأخيراً، وليس آخراً، يقدم هذا الموقف الأميركي وثيقة حية عن حقيقة الديمقراطية الأميركية، وادعاءات حقوق الإنسان، على أن جوهر هذه الديمقراطية (فعلاً وممارسة) يكمن في تحقيق مصالح الغرب، بمعزل عن أي شيء سواها بما في ذلك رأي الأكثرية، شعبية كانت أم دولية.

آخر الأخبار
بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن  الرئيس الشرع  في قمة (COP30)  :  إرادة الشعوب قادرة على تجاوز كل التحديات مهما عظمت   "  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية الشرع يشارك في فعاليات مؤتمر قمة المناخ (COP30) مصدر مسؤول في "الخارجية": لا صحة لما نشرته "رويترز" عن القواعد الأميركية في سوريا الرئيس الشرع يلتقي غوتيريش على هامش أعمال مؤتمر قمة المناخ (COP30) مبادرة "لعيونك يا حلب" تعيد تجهيز المقاعد المدرسية  الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الخارجية الإيطالي على هامش(COP30)  العدالة البيئية كجزء من العدالة الوطنية.. رسالة الرئيس الشرع في COP30 صيانة شوارع السوق التجاري في مدينة درعا