كتب المحرر السياسي ناصر منذر:
الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية بأشكال وعناوين مختلفة، لم تزحزح السوريين قيد أنملة عن تمسكهم بنهجهم النضالي وقرارهم الوطني المستقل, وخمسة عقود ونيف من الزمن منذ قيام الحركة التصحيحية المجيدة وحتى اليوم والسوريون يزدادون تمسكا وثباتا بنهج التصحيح, وهذا ما عكسه إصرار الشعب السوري على التمسك بالقيم الاستراتيجية والفكر الاستشرافي للتصحيح الذي أسس لبناء سورية الحديثة وأعطى تصوراً كاملاً لما يعد للمنطقة من مشاريع تقسيمية تخدم العدو الصهيوني, واعتمد نهج المقاومة لمواجهة المؤامرات التي تحاك ضد الأمة, ولاسترجاع حقوقها المغتصبة.
اليوم تتجدد ذكرى الحركة التصحيحية المجيدة، التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، والتي كانت محطة مفصلية في تاريخ سورية الحديث، فباتت نتيجة سياسات وتوجهات التصحيح المجيد الرقم الأصعب في المعادلات الإقليمية، والرقم العصي على التجاهل والتجاوز في كل ما يتعلق بشؤون المنطقة، كما أرست قواعد العمل المؤسساتي وبنت الدولة الحديثة وأنشأت جيشا عقائديا قويا أظهر أهمية سورية وطاقاتها، وعززت مكانة الوحدة الوطنية.
والإنجازات التي حققتها سورية عبر الـ 53 عاما الماضية من عمر التصحيح لم تقتصر على المجال الداخلي بل جعلت من القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية وبوصلة النضال ضد العدو الصهيوني، ولذلك فإن الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية هي إحدى المحاولات الرامية لإسقاط دورها وثنيها عن مواقفها الوطنية والقومية الثابتة.
ولأن الحركة التصحيحية أرست دعائم الدولة الحديثة المرتكزة على البناء المؤسساتي والديمقراطية الشعبية, وأعطت سورية موقعاً مهماً على مختلف الصعد, وجعلتها القلعة المنيعة الوحيدة في مواجهة الأخطار والتحديات التي تتعرض لها الأمة العربية, كان المطلوب الإجهاز على كل الإنجازات التي حققها الشعب السوري على مدار العقود الماضية, كي لا تبقى سورية الرقم الصعب في حسابات الغرب الاستعماري, ولهذا السبب فإن التآمر على سورية لم يتوقف منذ انطلاقة الحركة التصحيحية، وهو يزداد شراسة في ظل تصاعد البلطجة الأميركية الساعية من ورائها واشنطن لتكريس وجودها الاحتلالي، وسرقة المزيد من ثروات الشعب السوري، ومن خلال سعار النظام التركي المحموم لتوسيع أطماعه الاحتلالية، بالإضافة إلى لجوء المحور الداعم للإرهاب بقيادة الولايات المتحدة إلى مختلف أساليب الحصار والعقوبات الاقتصادية والسياسية، والتحريض الإعلامي واستعمال أدوات داخلية انفصالية تتلقى دعما متعدد الجوانب لتحويل سورية إلى الفوضى والمس بأمنها واستقرارها .
من هنا فإن استمرار نهج التصحيح بات ضرورة وطنية وقومية وخاصة في المرحلة الراهنة، فهو يزيد من إرادة السوريين ووقوفهم بقوة في وجه أصحاب المشاريع التقسيمية، وفي وجه أطماع الغرب الاستعماري اللاهث وراء إبقاء سورية في دائرة الضغوط السياسية والاقتصادية لمنعها من استعادة عافيتها.
