العنف المدرسي آفة اجتماعية خطيرة.. وزارة التربية: حالة فردية وليست ظاهرة ولا توجد إحصائيات

الثورة – تحقيق بشرى فوزي:

ظاهرة العنف المدرسي من الظواهر الشائعة والخطيرة في المدارس، ويشير هذا النوع إلى العنف بجميع أشكاله، والذي يحدث داخل المدرسة، سواء من قبل الطلاب أو المعلمين، إضافة إلى العنف تجاه محتويات المدرسة.. ولكن يعدّ العنف بين الطلاب أنفسهم هو الأخطر والأكثر شيوعاً.
ما سبب تفشي ظاهرة العنف المدرسي بكل صوره؟.. ولماذا تبقى المقارنة قائمة بين الجيل القديم والجيل الحالي، في ظل دعوات مستمرة لعودة  ” الفتوة ” إلى المدارس؟
لما يتم التستر على حالات العنف المدرسي في بعض المدارس؟
كيف نتمكن من إعادة هيبة المدرسة والمعلم إلى مدارسنا؟
ما هي الضوابط التي تتخذها وزارة التربية للحد من ظاهرة العنف المدرسي؟
عنف غير مبرر
تروي المعلمة رنا مشكلتها مع بعض التلاميذ في الصف الرابع، والذين أدرجتهم تحت تصنيف “عدواني ومشاغب”، مؤكدة أنّها تشعر بالحزن على التلاميذ جراء الظروف التي يعيشونها ومظاهر العنف التي يتعرضون لها ويمارسونها على رفاقهم وزملائهم، حيث قام أحد تلاميذها وأثناء الحصة الدرسية، وبالرغم من تواجدها بالقرب منهم بضرب زميله بالقلم على وجهه، وبالقرب من منطقة العين، مسبباً له جرحاً بعمق ٢سم وامتداد ٥ سم.
وأضافت: إنه التفت إليه وهو يجلس في المقعد الذي يليه ووضع القلم فوق عينه، وكاد يقتلعها، لولا لطف الله، قائلة: إنني كانت واقفة في الصف وأشرح الدرس، وقد صدمني هذا العنف غير المبرر- حسب وصفها.
وتابعت المعلمة: تم إسعاف التلميذ إلى المستشفى وكان جرحه عميقاً، مؤكدة أنّها شاهدت عظام وجهه بسبب تلك الضربة من زميله، فمن المسؤول في مثل هذه الحادثة التي تعتبر صغيرة، مقارنة بحادثة وفاة الطفل “ورد” الذي ركله تلميذ آخر على رأسه ما أدى إلى وفاته على الفور.
للمعلم حصته من العنف
وكما تروي معلمة في إحدى مدارس دمشق عن تعرضها للعنف من قبل أحد التلاميذ، إذ قام بدفعها بقوة حتى وقعت أرضاً، وخرج من الصف باتجاه باحة المدرسة، مضيفة: لقد اشتكيت إلى المديرة التي وبختني وألقت اللوم علي بأني لا أجيد التصرف مع الطلاب، وأنّ شخصيتي ضعيفة، وإلا لما تجرأ تلميذ على التطاول علي.
وأكملت المعلمة: هناك طلاب لا يمكن ضبطهم بأي طريقة، فقد حاولت مراراً وتكراراً ولكنهم باتوا يعلمون أنّ الأستاذ مقيد ولا يمكنه حتى معاقبتهم، فالتربية تقف في صف الطلاب دائماً، ويرمون بالخطأ على الأستاذ الذي أصبح يتعرض للضرب والتهديد والتشهير وغير ذلك من قبل الطالب وذويه، مؤكدة أنّ التربية المجتمعية تنطلق من البيت والأسرة، وعندما تسمح الأسرة لأبنائها بالتطاول على معلمه في غيابه فكيف سيكون الحال في حضوره؟
عنف تحت الطاولة
مديرة مدرسة تؤكد أن هناك عشرات الحالات من العنف والتي تطوى وتوضع على الرف، وذلك لعدة أسباب أهمها: أنّه ماذا يمكن لمديرية التربية أو الوزارة أن تفعل حيال هذا الكم الكبير من حوادث العنف والتي تشهدها المدارس يومياً؟
وثانياً- وبحسب قولها- خوف المديرين بشكل عام من أن يذاع صيت مدارسهم، وأنهم غير قادرين على ضبطها، ولذلك يتم التستر والتكتم على هذه الحوادث وحلها بشكل ودي وسري، إضافة إلى خوفهم من النقل التعسفي للطالب إلى مدرسة أخرى، وكل ذلك من أجل سمعة المدرسة، وأن تكون مثالية من الخارج، ولكن من الداخل حدث ولا حرج- حسب وصفها.
للعنف أسباب عديدة
المرشد الاجتماعي أحمد عثمان أكد أنّ أبرز أسباب العنف هي العائلية والمجتمعية، حيث تتمثل العائلية في طلاق الوالدين، والخلافات العائلية التي تشعر الفرد بعدم الأمان أو سوء معاملة الوالدين أو التمييز بين الأبناء، إضافة إلى انخفاض مستوى المعيشة والبطالة، مضيفاً أنه توجد حالات يتم فيها تفضيل أبناء المعلمات على غيرهم من الطلاب في المدرسة، وهذا يولد رغبة بالانتقام بسبب هذا السلوك غير المسؤول.
وأشار عثمان إلى خطورة التقليد الأعمى من قبل أبنائنا لما يشاهدوه من برامج ومسلسلات تلفزيونية، وهي بدورها تكرس العنف والبلطجة بأبهى صورها، وكل ذلك تحت مسمى (قبضاي) ويبدأ التقليد بالاسم لينتهي بتصرفات البطل في المسلسل، وهناك أمثلة كثيرة من ضمنها شخصية جبل في أحد المسلسلات والتي لاقى انتشاراً كبيراً، مشيراً إلى أننا لا نقلل دور ألعاب الانترنت في نشر العنف كثقافة تتغلغل في عقول الأبناء مثل “الببجي” وغيرها من الألعاب الأخرى، فكل ما سبق وغيره أسباب تزرع العنف في نفوس الأبناء.
وعن الأسباب المجتمعية فأوضح أنها بسبب عدم شعور الفرد بالمساواة، وذلك بسبب التعرض للحروب والاحتلال، وخير مثال على ذلك الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة.
العنف الجسدي قد يؤدي للموت

ويوضح عثمان أبرز أنواع العنف المدرسي هو العنف الجسدي، الذي يعتبر سلوكاً عدائياً عنيفاً يلحق الضرر بالجسد باستخدام القوة الجسدية ضد الآخرين، وينتج عنه أضرار فادحة قد تؤدي إلى الموت، ويتم ذلك من خلال الضرب بأداة حادة أو من خلال الركل بالقدم أو الضرب باليد وغير ذلك، إضافة إلى العنف النفسي والذي لا تقل خطورته عن الجسدي، فهو يهدد كرامة الشخص ويشعره بأنه أقل كفاءة من أقرانه، وفيما يخص العنف بين الطلاب أنفسهم فيكون بالسب والشتم والسرقة والضرب وغير ذلك.
آفة اجتماعية
أمّا علاج العنف المدرسي ومحاولة الحد من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة، فقد أكد عثمان أنّه آفة اجتماعية لابد من تكاتف الجهود وتضافرها بين الأسرة والمدرسة، وتفعيل دور المرشد الاجتماعي ونشر التوعية والتثقيف الدائم حول خطورة العنف المدرسي وآثاره، ووجود قوانين صارمة تحكم العملية التعليمية، ووجود عقاب قاسٍ لمن يمارس العنف المدرسي.
لا إحصائيات لحالات العنف
رئيس دائرة الإرشاد في وزارة التربية صفوان العامر أكد أنّ العنف- إن وجد في المدارس- فهو حالة فردية وليس ظاهرة، وأضاف بأنه لا توجد إحصائيات أو رصد لحالات العنف في المدارس، مشيراً إلى أنّ أهم أسباب حالات العنف في المدارس الحرب الإرهابية على سورية، والتي أثرت بدورها على الأطفال والتلاميذ والطلاب في المدارس- حسب قوله.
وبين أنه عملت وزارة التربية على تفعيل دور المرشد النفسي والاجتماعي للحد من حالات العنف- إن وجد- من خلال تعميم نشرات إرشادية مختلفة على الشابكة لموقع وزارة التربية، إضافة إلى دور الموجهين الاختصاصيين والمرشدين من خلال طريقة تعامل المرشد مع الأطفال العدوانيين وعدم استخدام العنف في المدرسة، ودور المرشد في إدارة الكوارث والأزمات وغير ذلك.
كما تم إحداث مكتبة الكترونية متخصصة بالمجال التربوي النفسي والاجتماعي، وذلك بتعميم كتب الكترونية خاصة بالإرشاد والتربية يتم توزيعها على موجهي الاختصاص والمرشدين النفسيين والاجتماعيين لتعزيز مهاراتهم المعرفية.
وأضاف أنّ وزارة التربية أصدرت بلاغات بتطوير عمل مجالس أولياء الأمور والارتقاء بها لتحقيق التعاون بين الأولياء والمدرسين والإداريين والمرشدين، وذلك في سبيل النهوض بالعملية التربوية والإرشادية.
وأمّا السؤال بخصوص الإجراءات المتخذة في حق من يعرض غيره للأذى خلال الدوام في المدرسة؟
فقد أكد العامر بأنّ الوزارة أصدرت العديد من البلاغات التي تهيب بالمعلم والمدرس تجنب استخدام الضرب في جميع المدارس وبمراحلها المختلفة، وضرورة اتباع الأساليب التربوية الإيجابية في التعامل مع التلاميذ والطلاب، وعدم استخدام العنف الجسدي والمعنوي باعتبارها من الأساليب غير التربوية، إضافة إلى عقوبات بحق المخالفين كالنقل والحسم من الأجر وغير ذلك.
ختاماً..
يشعر الجميع بالقلق جراء انتشار العنف في البيوت والشوارع والمدارس، وهو سلوك بغيض يؤذي الفرد والآخرين، ولذلك- وكما يتم التسويق لشخصيات تهوى العنف وتمارسه ويقلده أبناؤنا ويتجلى بأبهى صوره في الدراما والألعاب الالكترونية- يجب أن نعمل بجدٍّ ووعي لنشر الوعي والحد من العنف ضمن الإمكانيات المتاحة والبعد عن إصدار البلاغات الورقية التي لا تزال حبراً على ورق.

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة