الثورة – دمشق – ثورة زينية:
أكد محامي عام دمشق القاضي زياد الشربجي في تصريح لـ “الثورة” أن مرسوم العفو ٣٦ لعام ٢٠٢٣ من المراسيم الشاملة، فقد شمل غالبية الجرائم بدرجاتها المتفاوتة، بدءاً من أشد الجنايات المعاقب عليها بالإعدام، وصولاً إلى المخالفات البسيطة، مستثنياً عدداً قليلاً من الجرائم المتعلقة بالتعدي على أمن الدولة، مثل الخيانة والتجسس، وعدداً من الجرائم الخطيرة التي انطوى عليها موت إنسان وبعض الجرائم التي يرفضها المجتمع بشكل مطلق، منوهاً بأن مرسوم العفو لا يمس بالحقوق الشخصية فهي مصونة بشكل كامل.
سلسلة متكاملة للإصلاح..
واعتبر أن مراسيم العفو المتلاحقة التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد على مدى السنوات الماضية هي سلسلة متكاملة لسياسة الإصلاح، كما أنها تعبر عن الواقع القانوني النشط في سورية، وتساهم بشكل إيجابي في تحسين الواقع المجتمعي لأفراد المجتمع، والجاني هو أحد أفراده وذلك من خلال تقويم سلوكه وإعادته إلى جادة الصواب ليكون عضواً فاعلاً بشكل إيجابي, ويعالج وضع بعض الجرائم وعدم تركها لمصير مجهول كما هو الحال في مصير الفارين من وجه العدالة وبالتالي تحصيل بند الحقوق وضمان عدم الغبن والظلم لأي طرف.
وقسم القاضي الشربجي المرسوم إلى أربعة فصول رئيسية ليسهل الشرح والتوضيح والاستفادة من المضامين، حيث وضع الفصل الأول تحت تسمية العفو عن كامل العقوبة والفصل الثاني تحت تسمية العفو الجزئي عن العقوبة، والفصل الثالث للاستثناءات، أما الرابع فهو عبارة عن أحكام ختامية وكيفية تطبيق بنود مرسوم العفو.
لفتة إنسانية..
وألقى الضوء على بعض البنود التي تضمنها مرسوم العفو حيث تطرق إلى العفو عن كامل العقوبة المؤبدة والمؤقتة للمصاب بمرض عضال والذي اشترط فيه مرسوم العفو أن يكون غير قابل للشفاء، وأن يكون صاحب الجرم غير قادر على تلبية احتياجاته الشخصية بنفسه، وهذه الحالة مشمولة كاملة وتخضع في الفصل الأخير من مرسوم العفو لبند تشكيل لجان طبية بالتنسيق بين وزارتي العدل والدفاع، وذلك خلال شهر من تاريخ صدور المرسوم ونفاذه للبت في طلبات المستفيدين من هذا العفو فيما يتعلق بالمرض العضال، وهنا حسب القاضي الشربجي لفتة إنسانية كبيرة لهؤلاء الأشخاص الأمر الذي له انعكاسات كبيرة على المستوى الاجتماعي.
وتطرق القاضي الشربجي إلى ما تضمنه المرسوم بالعفو عن كامل العقوبة لمتعاطي المخدرات وإطلاق سراحه فوراً بهدف إيصاله لبر الأمان وترك الممارسات الخاطئة التي ربما اضطر لها تحت تأثير ظروف معينة، وبالتالي إعادته لمجتمعه وحياته وهذا الجانب يجعل المرسوم يحمل بعداً اجتماعياً هاماً بإعادة المخطئ إلى جادة الصواب، موضحاً أن تاجر ومروج المواد المخدرة لا يشمله العفو إطلاقاً.
وأضاف محامي عام دمشق: لعل أهم ما يميز مرسوم العفو ٣٦ هو ملامسته بشكل واضح للجوانب الإنسانية والاجتماعية، ولاسيما فيما يتعلق بالعفو الكامل عمن بلغ السبعين من عمره، مستدركاً لكن هناك نقطة قانونية مهمة هنا وهي أنه لمن صدر حقه حكم مبرم لمن بلغ السبعين من عمره يجب أن يكون جرمه مشمولاً بالعفو، وإذا لم يكن مشمولاً بالعفو فإنه لا يستفيد منه.
والمادة السادسة- حسب ما ذكر القاضي- فإنها انضوت تحت العفو عن كامل العقوبة بجرم الخطف على أن يقر الخاطف بتحرير المخطوف بشكل آمن من دون شروط، بحيث يتم إطلاق سراح المخطوف خلال عشرة أيام من تاريخ صدور المرسوم، ومن غير أي مقابل، كما تضمنت جرم حجز الحرية بقصد طلب فدية حيث تنطبق عليه ذات الشروط الخاصة بتحرير المخطوف.
استبدال العقوبات..
وأشار إلى المحور المتعلق باستبدال عقوبات جرائم بأخرى مخففة حيث تستبدل عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد وتخفف عقوبة السجن المؤبد بالسجن لمدة ٢٠ عاماً، وعقوبة الاعتقال المؤبد بالمؤقت ل٢٠ عاماً، مبيناً أن مرسوم العفو وضع شرطاً وهو أن يكون الفريق المتضرر قد أسقط حقه الشخصي وتسديد الالتزامات المالية لا يقوم مقام الادعاء الشخصي، وإذا مضى ٦٠ يوماً من تاريخ صدور مرسوم العفو لم يتم فيه تقديم الادعاء الشخصي ضد المحكوم فتطبق أحكام مرسوم العفو، مؤكداً أن تخفيف حكم عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد يعيد للمحكوم بالإعدام الأمل بأن يعود للحياة وملامسة للجانب الإنساني من كل الجهات.
ولعل شمول مرسوم العفو للمادتين ٢٨٥ و٢٨٦ يؤكد على مدى التسامح الذي وصل إليه مرسوم العفو ٣٦، وهما مادتان تنصان على جرائم تتعلق بالنيل من هيبة الدولة، حيث ورد أنه من قام في زمن الحرب في سورية بدعاوى ترمي إلى المساس بالهوية الوطنية والقومية وإثارة النعرات العنصرية، فالمادة ٢٨٦ تنص على أن من ينقل أنباء كاذبة أو مبالغاً فيها من شأنها بث اليأس والضعف بين أبناء المجتمع، تم تشميلها من قبل المرسوم بالعفو عن كامل العقوبة على أن يكون صاحب الجرم سوري المولد والجنسية.
وسلط القاضي الشربجي الضوء على العفو الجزئي عن العقوبات في الفصل الثاني من مواد المرسوم ٣٦، حيث منح العفو عن نصف العقوبة الجنحية بما يتعلق بالجنح المتعلقة بالوظيفة العامة على سبيل الحصر الرشوة والاختلاس واستغلال المنصب الوظيفي، مؤكداً أن العفو لم يشمل أي نوع من الغرامات مهما كان نوعها.