الثورة- فردوس دياب:
للرسم أهمية كبيرة في حياة الطفل، نظراً لدوره الكبير في تنمية مهاراته وقدراته الحسية والبصرية، فالرسم عند الطفل ليس موهبة فقط، وإنما آلية تفكير وإبداع وتحريض لخياله وذهنه وتنمية لشخصيته وتشجيع عما يدور في ذهنه وخياله دون منازع.
حول أهمية الرسم عند الأطفال ودوره في تعزيز وتطوير مهاراتهم وقدراتهم، التقت “الثورة” بعض الأطفال الموهوبين بالرسم والأشغال اليدوية، مع أستاذة الرسم سناء ابراهيم.
ثقة بالنفس
الطفلة حلا سامر سلامي في الصف الثامن “مدرسة يائل الكنج للمتفوقين”، قالت: إن الرسم زاد من ثقتها بنفسها وعزز من قدراتها ومواهبها الحسية والإدراكية، وهذا ما ظهر من خلال تفوقها في دراستها.
أما عن موهبتها وشغفها بالرسم فقد حدثتنا الطفلة سلامي عن ذلك بقولها: إنها منذ أن كان عمرها أربع سنوات، أحبت رسم الشخصيات الكرتونية، ثم تطورت موهبتها بدعم واهتمام من والديها حتى أصبحت ترسم مناظر طبيعية جميلة وبدقة واضحة، لكن رسوماتها أصبحت أكثر دقة عندما دخلت مرسم الرسامة سناء خليل، حيث بدأت تتعلم بشكل علمي وصحيح وأكثر دقة إلى أن شاركت في معارض فنية ومدرسية، وهذا ما عزز من ثقتها بنفسها ودفعها إلى بذل المزيد من الجهد والتعلم لفن الرسم حتى وصلت إلى مرحلة عالية من الإتقان والإبداع”.
سعادة ومتعة
أما الطفلة ميرنا صالح- الصف السابع- فبينت أنها تحب الرسم منذ نعومة أظفارها، فهي بدأت موهبتها بالرسم بالظهور في عمر الرابعة، فقد كانت رسوماتها جميلة ومعبرة، وهي اليوم وفي هذا العمر الصغير، وبعد أن تعلمت قواعد الرسم الصحيح أصبحت رسوماتها أكثر تعبيراً ودقة وجمالاً، وقد شاركت بمعرض المدرسة ومجلات الحائط ومسابقات الرواد في الرسم على مستوى المنطقة والمحافظة و القطر، وحصلت على الريادة والعديد من الجوائز، مضيفة أن شغفها بالرسم أضفى على حياتها اليومية الكثير من السعادة والمتعة والثقة بالنفس.
من جهتها قالت الطفلة زينب إبراهيم خليل- الصف الخامس- وهي رائدة على مستوى الفرع بفن الأشغال اليدوية إن أكثر اللحظات سعادة بالنسبة لها، هي عندما تمارس هوايتها في صناعة الأشغال والمجسمات الصغيرة للحيوانات والنباتات التي تصنعها من الورق الملون وحبال الخيش والصنوبر ومن توالف البيئة التي تعيد تدويرها، مضيفة إنها ستتابع تعزيز موهبتها وبدعم من والديها حتى تصبح متميزة ومبدعة في هذا المجال.
تنمية مهاراته
أستاذة الرسم سناء إبراهيم استهلت اللقاء بالحديث عن أهمية الرسم في حياة الطفل، حيث قالت: إن للرسم دوراً كبيراً وفعالاً في تنمية مهارات الطفل الحسية والبصرية من خلال مشاهدته للعناصر الموجودة أمامه، إذ يتعامل معها كواقع يحاول تجسيده على الورق من خلال إحساسه بالألوان التي يرغب بوضعها على اللوحة غير تلك التي يراها.
وأوضحت ابراهيم أن للرسم أهمية ودوراً كبيراً في تقوية شخصية الطفل وجعله واثقاً من نفسه أكثر، لاسيما عندما يرسم لوحة يتباهى بها بين أقرانه من الأطفال ومعلميه وذويه، مضيفة أن للرسم أهمية كبيرة في تعليم الطفل كيفية تجسيد العناصر وتشكيلها بالطريقة الأمثل التي تعبر عن تلك اللوحة وتلوينها بطريقة يراعي فيها الظل والنور والكتل والتوازن بين عناصر أي لوحة.
وأكدت أن الرسم هو من أجمل وأرقى الفنون الإبداعية وهذا ما يضفي عليه المزيد من الأهمية والضرورة، وهذا ما يدعونا للقول بأنه يجب أن يحتل أولويات العملية التعليمية وليس اعتباره مجرد نشاط ترفيهي كما يعتبره البعض بل هو نشاط تعليمي وتدريبي وإبداعي بالدرجة الأولى.
مكنونات الطفل
وبينت الأستاذة ابراهيم أن الرسم يعبر في معظم الأحيان عن مكنونات الطفل وعما يجول في خاطره وما يتعرض له في البيت والمدرسة والشارع والحياة بشكل عام، فهو صورة لما يخبئ في نفسه، وهناك أمثلة كثيرة عن ذلك من خلال تجربتي مع العديد من الأطفال الذين يعبرون في رسوماتهم عن أنفسهم وما يمرون به، فبعضهم كان دوماً يرسم أغلب رسوماته ولوحاته بوجه غاضب وحزين، وعند السؤال عن أسباب ذلك، تبين أن هنالك مشكلة لدى الطفل وهي أن والده دائم الغضب على أي تصرف يقوم به، لذلك هو يعبر في رسوماته عما يتذكره ويعيشه مع أسرته ووالديه، وهناك أطفال آخرون تضيف إبراهيم، يرسمون قلباً جميلاً يدل على أنه يحب أحدهم، وفي الجهة المقابلة يرسمون قلباً مكسوراً يعبرون فيه عن غياب أحد والديهم إما بسبب الحرب أو العمل أو الفراق.
وتابعت ابراهيم أن للرسم دوراً كبيراً في تفريغ طاقة الطفل، ونقل كل ما يشعر به من أحاسيس ومشاعر يمر بها ويعيشها في بعض الأحيان، فالرسم هو حرية مطلقة بما يشعر به الفنان يشكلها ويجسدها على الورق، وقد تكون حالة عشق للرسم عند بعض الأطفال، ففيها يعبر الطفل عما يريد وقد يقضي أغلب ساعات يومه وهو يرسم دون كلل أو ملل، ودليلنا على ذلك أن من أجمل اللحظات التي يبحث فيها الطفل عن ملء فراغه هي مادة الرسم واستخدام الألوان المحببة لديه.
فن البهجة
وتحدثت ابراهيم عن تنوع ميول ومواهب ورسومات الأطفال، الذين يميل أغلبهم إلى “فن المانديلا” أو فن البهجة الذي يلقب أيضاً بفن السعادة بما فيه من إغناء جميل ومتناغم للألوان والخطوط والزخارف والدوائر المنتظمة ذات المركز الواحد، والذي يعرف بأنه من الفنون التي تساعد على التركيز والوعي الذاتي وتخفيف التوتر والقلق عند الناس.
وعن الطريقة والوسيلة التي نعزز بها حب الرسم عند الطفل، قالت خليل: ” إن معظم الأطفال لديهم حس الانتباه والحب لمادة الرسم تحديداً، وتعزيز هذا الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالمعلم الذي يتوجب عليه أن يستخدم كل الطرق لتعزيز حبهم بالرسم، ذلك أن أغلب الأطفال يحاول الاقتداء بالمعلم الذي يجب عليه خلق أفكار وروح إبداعية بالتعاون مع الأطفال وتشكيلها وتجسيدها في فن الرسم، فالرسم هو عشق وجمال وإحساس لا تستطيع أي لغة من لغات العالم ترجمته فهو يترجم بالريشة واللون فقط.
رعاية الأهل
وأضافت أنه يمكن أيضاً أن أجذب الطفل للرسم من خلال المسابقات المدرسية التي تقيمها منظمة طلائع البعث، والتي تهتم بالأطفال المتميزين والموهوبين، كما أن تنظيم ورشات فنية يسهم بشكل كبير في تعزيز مواهب الأطفال، كالورشات الفنية التي أقمناها تضامناً مع أهلنا في فلسطين الحبيبة وخاصة أطفال غزة الذين يتعرضون لمجازر إبادة جماعية من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، حيث عبر الأطفال عن مشاهداتهم ومشاعرهم تجاه هذه الأحداث المأساوية فكانت لوحاتهم صورة لما شاهدوه من موت وخراب ودمار.
وختمت ابراهيم لقاءها بالحديث عن دور الأهل الكبير في تعزيز ودعم مهارات ومواهب أبنائهم بالحب والرعاية والاهتمام، ذلك أن خلق مواهب مبدعة لا يمكن أن يكون إلا بدعم واهتمام ورعاية من الأسرة.