نتائج مبهمة للتجربة الأوروبية على دول ست.. “المركزي”: تأثير متباين للسياسة النقدية على تجانس التضخم عبر الدخل

الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:

اعتبر مصرف سورية المركزي أن تأثيرات السياسة النقدية على مكونات الاقتصاد تعددت، لجهة أن أحد أبرز تأثيراتها هو الآثار التوزيعية، حيث إن التغير في أسعار الفائدة يؤثر على الوكلاء الاقتصاديين بشكل مختلف، اعتماداً على مدى تعرضهم لأسعار الفائدة، وذلك لأن الدخل والثروة يتأثران بشكل متباين، وربما أيضاً لأن استجابة التضخم تختلف بين الوكلاء.
استجابة التضخم
وبحسب المركزي فبالرغم من وجود دراسات وأبحاث كثيرة حول تأثيرات السياسة النقدية على الثروة والدخل، فإن التأثيرات على فروق التضخم لم تتم دراستها بشكل وافٍ، وتوضح الدراسات وجود قناتين رئيسيتين يظهر من خلالهما التضخم استجابة تفاضلية للسياسة النقدية على طول توزيع الدخل، أما الأولى فهي التي تستهلك فيها الأسر حزماً استهلاكية مختلفة وتستجيب أسعارها بشكل متباين للسياسة النقدية، في حين أن الثانية هي التي تدفع فيها الأسر أسعاراً مختلفة لذات العناصر، حيث تستجيب هذه الأسعار بشكل مختلف للسياسة النقدية.
توزيع الدخل وحصص الاستهلاك
المركزي وفي دراسة له حول “تأثير السياسة النقدية على عدم تجانس التضخم عبر توزيع الدخل” أكد أن للسياسة النقدية في سورية دوراً هاماً في الاقتصاد السوري، ولها تأثير كبير على توزيع دخل الفرد وحصص استهلاكه وادخاره من خلال أدواتها المتعددة، ومنها معدلات الفائدة، وكذلك الحال جذب الإيداعات النقدية للقنوات المصرفية إضافة إلى تشجيع ودعم التسهيلات ذات الصبغة الإنتاجية والاستثمارية على حساب الاستهلاكية والشخصية، وذلك لكبح جماح التضخم بالدرجة الأولى وإعادته إلى مستويات متوازنة تسهم في توجيه ذوي الدخول المرتفعة ورؤوس الأموال لدعم العجلة الاقتصادية.
يضاف إلى ما سبق– بحسب المركزي- التأثير على السلوك الاستهلاكي للأفراد بشكل عام وتقليص القروض الاستهلاكية الشخصية، والتي قد تتسبب في استمرار عدم تجانس و ملائمة معدلات التضخم إلى جانب عوامل أخرى، إلا أن تأثيراتها على أسعار سلع سلة الاستهلاك لأصحاب الثروة والدخل على حد سواء ما زالت متباينة، لكونها تضخم لمعايير اقتصادية ومالية متنوعة، وبالتالي فإن الاستجابة الفعالة لمعدلات تضخم الأسعار قد يتطلب تشديداً أكبر للسياسة النقدية، ومن ثم إحداث تغيرات أكبر في توزيعات الدخل ولاسيما لذوي الدخل المرتفع.
التجربة الأوروبية السداسية
وبحسب المركزي في دراسته فإن دراسة أعدت لمصلحة بنك التسويات الدولية، تمت دراسة تأثير السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي على التضخم عبر توزيع الدخل في العديد من دول منطقة اليورو, والتي تشمل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا وهولندا وبلجيكا، معتبراً أن الأهمية بمكان ما أخذته الورقة بالاعتبار من مصادر التباين المحددة في الأدبيات الاقتصادية الناجمة عن الاختلافات في سلة الاستهلاك على طول توزيع الدخل والناشئة، كذلك عن الاختلافات في سلوكيات الشراء (أي الثقافة الاستهلاكية والإنفاقية).
نتائج مبهمة
الورقة نتج عنها (وفق ما أورد المركزي) أن السياسة النقدية تؤثر بالفعل على التضخم بشكل مختلف عبر توزيع الدخل، ناهيك عن أن هذه الاختلافات تنبع من قناتين مختلفتين تعملان في اتجاهين متعاكسين، فمن جهة تشير حصص الاستهلاك المختلفة ضمناً إلى أن التضخم يستجيب بشكل أقل للسياسة النقدية لدى الأسر ذات الدخل المرتفع، ومن جهة أخرى قدمت الورقة أدلة جديدة على وجود اختلافات كبيرة في سلوك التسويق ورد فعله على السياسة النقدية، ما يعني ضمناً أن التضخم الذي تعاني منه الأسر ذات الدخل المرتفع يستجيب بشكل أكبر للسياسة النقدية، وذلك على العكس تماماً من الاتجاه الأول، مما يجعل التأثير الإجمالي غامضاً.