الثورة – فاديا هاشم:
ربما يكون الطرح غير مستحب أن نتحدث فيه عن عقوق الآباء لأبنائهم، وذلك انطلاقاً من مسؤولية الآباء تجاه الأبناء، إذ إننا كثيراً ما نسمع عن عقوق الأبناء لآبائهم، ولكن لا أحد يتحدث عن عقوق الآباء لأبنائهم، أي بمعنى أنهم غير منصفين وغير عادلين ويفرقون بين أبنائهم بالمعاملة، والأقرب إلى قلوبهم هم الأقرب إلى جيوبهم (العطية)، إلى جانب أمور أخرى من شأنها أن تأجج الكراهية بين الأبناء من خلال الاستهزاء والسخرية ومقارنتهم بالآخرين والقسوة وعدم معاملتهم بالعاطفة.
هناك الكثير من الأمور الأخرى التي من شأنها أن تأجج الكراهية وعدم الاحترام والاستبداد في الرأي، وعدم الإنصاف فيما بينهم، والوقوف إلى جانب طرف دون آخر، كموضوع الإرث وغيره وحرمان الأنثى من الميراث في بعض المجتمعات، ما يؤثر على بنية الأسرة والمجتمع وتعاضده.
وكما للآباء حق على أبنائهم.. كذلك للأبناء حق على آبائهم، أحسنوا تربيتهم تجدوا ثمار ما غرستم
اتقوا الله في أبنائكم
انطلاقاً من مقولة (فيا أيها الآباء بروا أبناءكم يبروكم.. فإن عققتموهم فلا تستعجبوا عقوقهم، فكما تدين تدان، وضعوا نصب أعينكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، فالرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت زوجها وأولاده، وهي مسؤولة عنهم.
وحتى نقف على هذه الظاهرة من الناحية السلوكية في المجتمع، يجب ألا نقف موقف المنظر الذي يقول هذا حلال وهذا حرام، وهذا خطأ وهذا عيب، بل نحن بحاجة إلى الغوص في حالات المجتمع حتى تتكون لنا صورة قريبة لهذه الحالة الاجتماعية.
مفاهيم متغيرة
رئيس دائرة الصحة النفسية في وزارة الصحة الدكتور أحمد السلامة أشار إلى أن هناك الكثير من المفاهيم باتت حقيقة وواقعاً، أصبحنا نشاهدها في المجتمع، وهي مجموعة أفكار ومورثات من زمن بعيد.
صحيح أن للأهل الحق في الرعاية والاهتمام والاحترام، وهذا واجب على الأبناء، أما الخطأ والصواب والرأي السديد فهو ليس بالضرورة متعلقاً بعمر أو بعلاقة أب وابنه، وإنما هو مجموعة أفكار وسلوك وطبائع تؤدي إلى تصرفات من المفترض أن يكون مصدرها قدرة أكبر من هذا المفهوم.
ولفت إلى أهمية تأكيد الأفكار ومنها الميراث والتهميش لبعض الأبناء، ولكن تبقى العاطفة الأبوية الغريزية التي وضعها الله في نفوسنا هي الأقوى، ولا يمكن أن نرى مكاناً للتضحية أقوى من تضحية الآباء تجاه أبنائهم، ومع ذلك فأنا لست مع قدسية الأهل بشكل عام، فهم يخطئون أيضاً، وقد يحملون موروثاً خاطئاً، ليس بالضرورة أن ينقله الأبناء عبر الأجيال.
وأوضح الدكتور السلامة أن هناك اضطرابات بالشخصية، وكثير من الأحيان نلحظ أبناء أكثر نضجاً من الآباء، وبالتالي لا ننسى المثل القائل: الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون، وما هو إلا تعبير عن أخطاء منهم يتحملها الأبناء على مر أجيال.