د. جورج جبور
غوتيريش ومن سبقه وانا وبلفور
وصك الانتداب.. لو سمعت كلمتي لأنعشت قضية فلسطين دون ما ظهر من وحشية سادية وما أوقع من خسائر في صورة الإنسان لنفسه، العقل نور أما وعد بلفور فظلمة.
والأمر واضح منذ 2007، في بداية العقد العاشر لصدور “وثيقة الاقتتال الدائم” المدعوة “وعد بلفور” أو تصريحه ثم منذ أطلت مئوية تحضيرات عصبة الأمم وما تبع العصبة من إقرار صك بلفور، وأنا أنادي بضرورة إجراء كشف حساب عما جرى في 2 تشرين ثاني 1917 وما بني عليه. جهد بدأ قوياً بكتاب عن وعد بلفور قدم الطبعة الثانية منه أمين عام جامعة الدول العربية، جهد أنتج في جامعة الدول العربية بياناً سنوياً في ذكرى صدور “وثيقة الاقتتال الأبدي” في 2 تشرين ثاني 1917، جهد تابعته في عدد كبير من الرسائل وجهتها خاصة إلى غوتيريش أولها رسالة مفتوحة عبر جريدة ” الوطن” السورية لحظة تسلم الأمين العام الحالي مهامه كاشفاً جداً كان عنوان المقال “يا غوتيريش: أتقن علم فلسطين!”.
ثم أتقن غوتيريش علم فلسطين.
تشهد الإخبارية السورية أنني منذ سنوات قلت عبرها لغوتيريش: “أمامك المادة 99، تابع قضية فلسطين مع مجلس الامن”.
تشهد جامعة دمشق أنني في 22 تموز 2022 سألت غوتيريش أن يذهب إلى محكمة العدل الدولية ليطلب رأياً قانونياً في ما يجري في فلسطين التاريخية.
وأخيراً فعلها غوتيريش استفاد من المادة 99، ذهب إلى محكمة العدل، أهنئه، أهنئه جداً وأنا في الوقت نفسه أعرف أمرين، أعرف حجم ما يمارس عليه من ضغوط، وأعرف أيضا أن نصر فلسطين الذي – بمعنى ما – تحقق كان يمكن أن يتحقق دون إراقة دماء، العقل نور أما وعد بلفور فظلمة.
إذا قلت ما سبق عن جهدي فماذا يقول الشهيد الذي افتدى وطنه بدمه؟ ماذا يقول القائد العسكري أو السياسي الذي لم ينم الليالي وهو يخطط؟ كثيرون لا يحصيهم العد، كانوا لاريب مع غوتيريش وهو يبحث عن المادة 99 من ميثاق فيه نفع رغم ما فيه من أمور أخرى.
* دمشق صباح الجمعة 8 كانون أول 2023.
* رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي قيد التأسيس.