الثورة – حسين صقر:
الـ “حب” كلمة من حرفين، لكنها ذات معانٍ عميقة وقيم جميلة وراقية، والفعل منها يمكن زرعه في الإنسان منذ الطفولة، وذلك عبر المعاملة اليومية وتلقين التعليم والتربية، والسلوك الذي نتبعه معه.. من دون أن ننسى أن هذا الطفل يقلدنا ويحاكينا ويتتبع خطواتنا وتصرفاتنا، وبالتالي فهو عجينة نصنع منها الشكل الذي نشاء، وورقة نكتب عليها ما نريد ونرغب، ولا بدّ من الحرص على تلك العلاقة مع والديه، وماذا سيلقنانه ويعلمانه؟
في الآونة الأخيرة انتشر نقل صفات العداء للأطفال من دون إدراكنا للعواقب، في الوقت الذي نحن أحوج ما نكون فيه لزرع الحب، والود، والتفاهم، والبحث عن نقاط التقاطع والالتقاء مع الآخر، كي يكون الناس قريبين من بعضهم، يسود فيما بينهم الوئام والسلام.
ولمعرفة كيفية زرع الحب بين أبناء الجيل وتوريثهم الحب، تواصلت “الثورة” مع اللايف كوتش غدير علي محمد، والذي تحدث عن تحديات وسائل الاتصال، وفرص التربية القيمية، كي نصنع جيلاً سورياً محباً، واعياً، ومسؤولاً.
تعزيز الثقة المجتمعية
وقال محمد: نستطيع غرس الحب في نفوس الأطفال والنشء السوريين، كما يمكن حمايتهم من وسائل الاتصال الضارة، انطلاقاً من الحس العالي بالمسؤولية، والإدراك الواضح لأولويات المرحلة الراهنة في سوريا، إذ تأتي أهمية هذا الطرح من تعزيز الثقة المجتمعية وتسريع التعافي عبر الاهتمام بالأطفال والنشء.
وأضاف: يؤكد الباحث دانييل جولمان أن الذكاء العاطفي، والمتمثل في القدرة على فهم الذات وإدارة العلاقات هو العامل الأهم في النجاح الشخصي والاجتماعي، منوهاً بأنه انطلاقاً من ذلك، يصبح غرس قيم الحب والتسامح مسؤولية أساسية.
أما كيف نغرس الحب، فبين الكوتش محمد، أن هناك مقترحات عملية يمكن تطبيقها كـتنفيذ يوم الشكر في المدارس، أي عبارة عن ساعة أسبوعية يُعبّر فيها الطلاب عن امتنانهم لأقرانهم ومعلميهم، وكذلك جلسة عائلية أسبوعية، يجلس فيها الأهل مع الأبناء لتبادل كلمات محبة وقصص إيجابية، بالإضافة لأنشطة مجتمعية للأطفال، كالتشجير أو زيارة دور المسنين، لترسيخ أن الحب ليس مجرد شعور، بل فعل ملموس.
التكنولوجيا ليست غاية
وأضاف الكوتش محمد: لو نظرنا إلى كيفية التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، أن ستيفن كوفي يقول: “ابدأ والنهاية في ذهنك”، إذاً التكنولوجيا ليست غاية وعلينا أن نعلّم أبناءنا أن التكنولوجيا وسيلة للتعلم والإبداع، وليست غاية بحد ذاتها.
ونوه بأن هناك خطوات مقترحة من قبل الكثير من الباحثين حول هذا الموضوع، منها: وضع معايير واضحة لاستخدام الأجهزة (ساعات محددة، رقابة ذكية)، وإطلاق برنامج مدرسي بعنوان “الانترنت بأيدينا” يعلّم التمييز بين المحتوى المفيد والضار، وكذلك توفير بدائل جاذبة، مثل نوادي للرسم والموسيقا، وأنشطة رياضية، ومسابقات قراءة.
وقال: يُذكر أن كلاً من “ترافيس برادبيري، وجين جريفز” أوضحا في كتابهما عن الذكاء العاطفي أن إدارة الانفعالات في بيئة مليئة بالمشتتات الرقمية هي مهارة أساسية ويمكن تعليمها.
برده على السؤال، عمن تقع المسؤولية، أشار الكوتش محمد إلى أن هناك مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة، فالأسرة هي القدوة الأولى، والمدرسة شريك أساسي، وحين تتكامل أدوارهما، تكون النتيجة أكثر ثباتاً.
إجراءات وأنشطة
وشرح الكوتش محمد أن هناك إجراءات وأنشطة تقوم بها العديد من الدول المتقدمة بهذا الخصوص، ومن هذه الانشطة: صناديق القيم في الصفوف، إذ يكتب الطلاب مواقف إيجابية أسبوعياً ليعرضوها أمام زملائهم، بالإضافة لوجود ورش تدريب للأهالي والمعلمين حول طرق تطبيق الذكاء العاطفي في الحياة اليومية، وحصص نشاط تفاعلية: كالقصص، والمسرحيات القصيرة، أو ألعاب جماعية تُرسّخ قيمة التعاون، طبعاً المهم هنا هو التطبيق العملي، وكما يقول جولمان: “المناعة العاطفية لا تُبنى بالكلام، بل بالممارسة اليومية “.