الثورة – سيرين المصطفى:
تتواصل في مختلف المناطق السورية حملات العمل الخيري التي تهدف إلى جمع التبرعات وتحسين الواقع الخدمي والمعيشي في المدن والبلدات التي تضررت خلال سنوات الحرب في سوريا، حيث أطلق ناشطون من أبناء بلدة التح بريف إدلب الجنوبي مطلع تشرين الأول حملة بعنوان التح لنا، في مبادرة تهدف إلى إعادة تأهيل المدارس المدمرة وتهيئتها لاستقبال الطلاب مع بداية العام الدراسي الجديد.
انطلقت الحملة في الثاني من تشرين الأول من مدرسة أبو بكر الصديق، التي كانت من أكثر المدارس تضرراً، إذ تفتقر إلى الأبواب والنوافذ والمقاعد الأساسية، وفق ما أوضح الناشط الإنساني عبد السلام محمد اليوسف في تصريح لصحيفة “الثورة”.
وأشار اليوسف إلى أن المبادرة جاءت بدافع الحاجة الملحّة لإعادة الحياة إلى المدارس في البلدة، خاصة مع ارتفاع عدد الطلاب في الشعبة الواحدة إلى نحو ستين طالباً، واقتراب فصل الشتاء الذي يزيد من معاناتهم في الصفوف غير المجهزة.
وشارك في الحملة مجموعة من الناشطين والمعلمين وأبناء البلدة المقيمين في الداخل والخارج، حيث استمرت فعالياتها يومين متواصلين، شهدت خلالهما تفاعلاً واسعاً ومواقف إنسانية مؤثرة جسدت روح التضامن بين الأهالي.
وسجلت الحملة مواقف لافتة أثناء جمع التبرعات، إذ تبرع أطفال من ذوي الإعاقة بمصروفهم الشخصي، وجاؤوا ليلاً إلى المدرسة ليقدموا ما لديهم، كما لم يتمالك كثير من الأهالي دموعهم عند رؤية حجم الدمار الذي لحق بالمباني التعليمية.
وشارك في المبادرة أيضاً عدد من تجار الأغنام في البلدة، حيث تبرع بعضهم بشاة وآخرون ببقرة، فيما قدمت نساء من أهالي التح حليّهن الذهبية من خواتم وأقراط، وشارك أصحاب مناشر الخشب بتقديم الأبواب والنوافذ، إلى جانب تبرعات بمقاعد وكراسي مدرسية من أبناء البلدة المغتربين.
وقال اليوسف إن بلدة التح عُرفت بعطائها وكرمها، مضيفاً أن أبناءها أثبتوا من جديد أن العمل الجماعي يمكن أن يحقق نتائج مؤثرة رغم قلة الإمكانيات.
ووجّه شكره لجميع المشاركين والمتبرعين، مؤكداً أن نجاح الحملة تجاوز التوقعات بفضل تفاعل الأهالي وإيمانهم بأهمية التعليم في بناء مستقبل أبنائهم.
وتبرز هذه المبادرات الإنسانية بوصفها أحد المظاهر المضيئة في المشهد السوري الجديد، إذ تسهم في تعزيز روح التعاون والمسؤولية الاجتماعية، وتعيد الثقة بقدرة المجتمعات المحلية على النهوض من جديد، عبر مبادرات شعبية تنبع من الداخل، وتترجم قيم التضامن والإصرار على الحياة بعد سنوات الحرب والمعاناة.