الثورة – غصون سليمان:
لم يعد البحث العلمي مقتصراً على الأدوات التقليدية، بل أصبح يعتمد على منظومة رقمية متكاملة تسهم في رفع جودة البحث وتسريع عملياته، من مرحلة تحديد المشكلة حتى نشر النتائج.
وهذا ما أراد الوصول إليه كتاب “منهجية البحث العلمي في عصر الذكاء الاصطناعي- تطبيقات وتقنيات لتحسين دقة وفعالية البحث الأكاديمي”، للدكتورة نبال الملقّي، جامعة دمشق – والدكتور أحمد الحبيب، جامعة العراق- بغداد.
يأتي هذا الكتاب في مرحلة مفصلية يشهد فيها العالم ثورة معرفية يقودها الذكاء الاصطناعي، ويهدف – وفق ما أشار إليه الدكتورة الملقي، والدكتور الحبيب، في التفاصيل، إلى تحديث منهجية البحث العلمي بما يواكب متطلبات العصر الرقمي، من خلال الجمع بين المنهجية الأكاديمية الرصينة والتقنيات الذكية الحديثة، وهو موجه إلى الباحثين، وطلبة الدراسات العليا، وكل من يسعى إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في مجالات البحث الأكاديمي بصورة منهجية وأخلاقية.
وعن أهمية ما تضمنه الكتاب من عناوين، أوضحت الدكتورة الملقي في حديثها لـ”الثورة”، أنه شمل خمسة فصول، تناول الفصل الأول أساسيات البحث العلمي الذي يضع الأساس النظري للبحث من حيث المفهوم، النشأة، الأهمية، الخصائص، وأخلاقيات الباحث.
كما يبيّن الفرق بين البحوث النظرية والتطبيقية، ويؤكد على عناصر مثل الموضوعية، الدقة، الصدق، التكرار، مع توضيح دور الذكاء الاصطناعي في تسهيل الوصول إلى المعرفة وتحليل البيانات والترجمة الآلية للنصوص البحثية.
فيما تمحور الفصل الثاني: حول مناهج البحث العلمي وجمع البيانات لناحية عرض المناهج البحثية من (الوصفي، التجريبي، التاريخي) وأدوات جمع البيانات مثل الاستبيان، المقابلة، الملاحظة.
وهنا يُبرز أهمية الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة، واستخراج الأنماط الخفية، وتحسين التنبؤات البحثية، بما يعزز موثوقية النتائج ودقتها.
وقارب الفصل الثالث، كتابة البحث وتوثيق النتائج، عبر تناول أساليب كتابة التقرير العلمي، وعرض البيانات وتحليلها، مراجعة النص لغوياً ومنهجياً، وإعداد المراجع والملاحق.
كما يوضح أنماط التوثيق الأكاديمي (APA، MLA وغيرها) وأهمية الأمانة العلمية، ويستعرض أدوات الذكاء الاصطناعي في التدقيق اللغوي، والتوثيق التلقائي للمصادر، وكشف الانتحال.
وركز الفصل الرابع، على الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي من حيث تعريفه، وخصائصه، وأبرز تطبيقاته في البحث الأكاديمي، من خلال عرض أدوات مساعدة مثل: برامج تحليل البيانات الإحصائية (SPSS الذكي، Python AI)، أنظمة إدارة المراجع (Zotero، Mendeley)، أدوات تحسين الكتابة (Grammarly، ChatGPT)، وبالتالي يقدّم رؤية نقدية حول التحديات الأخلاقية والقانونية المرتبطة بالاستخدام غير المنضبط للذكاء الاصطناعي.
فيما تناول الفصل الخامس أهم محركات البحث العلمي (Google Scholar، Scopus، PubMed…) وآليات النشر في المجلات المحكمة. كما يناقش الكتاب- حسب الدكتورة الملقي، قضايا الانتحال والمجلات المفترسة وأخلاقيات النشر، مع تسليط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تقييم جودة الأبحاث والمجلات، ودعم مستقبل النشر الرقمي الأكاديمي.
العصر الذكي
الدكتورة الملقي أكدت أن هدف الكتاب هو تمكين الباحثين من فهم أسس البحث العلمي في ضوء التقنيات الحديثة، وتدريبهم على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في مراحل البحث كافة، وكذلك تعزيز النزاهة والشفافية الأكاديمية في البيئة الرقمية، لبناء باحث رقمي يمتلك كفاءة علمية ومنهجية في إنتاج المعرفة، وأضافت: إن أهمية الكتاب تنبع من كونه يمثّل جسراً معرفياً بين المنهجية التقليدية والابتكار الرقمي، ويوفّر للباحثين والطلاب دليلاً عملياً يساعدهم على توظيف الذكاء الاصطناعي من دون المساس بجوهر البحث العلمي القائم على الدقة، الموضوعية، والنزاهة.
إنه دعوة إلى إعادة تعريف البحث العلمي في العصر الذكي، إذ يصبح التعاون بين الإنسان والآلة طريقاً لإنتاج معرفة أعمق وأكثر استدامة.
أفكار الكتاب الصادر عن “هاتريك” للطباعة والنشر والتوزيع تدور محاوره العامة حول تحديث منهجية البحث العلمي في ضوء التطور التكنولوجي، وخاصة الذكاء الاصطناعي (AI)، كأداة لتعزيز الدقة والسرعة والابتكار في العملية البحثية، من دون الإخلال بالنزاهة الأكاديمية. فهو يُعدّ مرجعاً تطبيقياً يجمع بين أسس البحث العلمي التقليدية والتقنيات الحديثة مثل التعلم الآلي، تحليل البيانات الضخمة، والتوثيق الذكي للمراجع.