يمن سليمان عباس:
الشتاء خير وبركة، مطر ورعد وعواصف، وقلة حركة في كل النواحي والاتجاهات، وهو سكينة في البيت نهاراً وليلاً، ولكن جماله لا يبدأ إلا مع المساءات التي تلتم فيها العائلة حول مدفأة البيت.. ذاك البيت الحجري الذي قال فيه الشاعر:
سقف بيتي حديد ركن بيتي حجر
فاعصفي يا رياح وانتحب يا شجر..
منزل يضم الجميع من الأب والأم والأولاد إلى الجذور، الجد والجدة، وسهرات تمتد إلى ساعات متأخرة ليلاً، غالباً ما تكون كل أسبوع في منزل من المنازل المتجاورة القريبة والعامرة بالمحبة والكرم، وكم روت لنا الأمهات أن البعض لم يكن يستطيع العودة إلى منزله لشدة المطر والبرد والعواصف.
اليوم تتبخر حكايا الشتاء نفتقد طقوسه الآسرة والساحرة، صحيح أن الكثير من العائلات في المدينة أو الريف قد عادت إلى مدفأة الحطب ولكن أي حطب قد يكون بقايا عيدان أو صناديق أو ما تيسر من حطام.
ولم يعد مطعم الشتاء الذي يبدأ صباحاً ولا يتوقف إلا بعد منتصف الليل، لم يعد كما كان، فلا ما يسمى (القمحية أو السليق أو نقع الحمص والفول وشواء ثمر السنديان والبلوط)، كل ذلك نفتقده الآن.
ضاعت حكايا الجدات.. سرقتها (الموبايلات)- على قلة الشحن والتواصل، لكنها تحبس من يسهر معك وتجعله وحيداً، لا قصص الزير ولا عنترة ولا دليلة والزيبق.
طقوس الشتاء تندثر.. حتى الشتاء يكتفي ببرده وغيمه ويتأخر عن مواعيده….
هل تغير لأننا نحن تغيرنا.. أم…؟؟