الثورة:
“أنا متمسكة بالأرض يا خالتي”.. بهذه العبارة المعشّقة بالأصالة والعفوية والصدق خاطبت مُضيفها الشاب، مؤكدة أنها أقدم من “إسرائيل” “مواليد 1944″، هي الحاجة هادية نصار التي كانت هدفاً لقناص إسرائيلي في غزة أصابها مقتلاً أمام باب منزلها، بعد تصريحاتها التي أعلنت فيها تمسكها بالأرض، قالت “فلسطين أرضنا.. بلدي لو شحت عليا مريا وأهلي لو قسيوا عليا حناين”.
العجوز التي قاربت الثمانين عاماً ظهرت في فيديو بتاريخ “22 تشرين أول” بعد أن شنّت “إسرائيل ” حربها الهمجية على غزة، وكانت حينها في المستشفى تُعالج من إصابة في يدها ووجها جراء قصف الاحتلال على منزلها، ووثق شهادتها مصور فلسطيني “صالح الجعفراوي”، وهو نفسه من أعلن مؤخراً نبأ استشهادها، فرغم نجاتها من يد الغدر في المرة الأولى إلا أن غدرهم لاحقها برصاصة قناص كانت الأقرب إليها في المرة الثانية. وفي الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم تحدثت عن فرن الطين القديم قبل النكبة، وبأن صورتها معه هي التذكار الوحيد الذي خرجت به من منزلها المُدمر.
الحاجة هادية مثال آخر عن المرأة الفلسطينية، التي تقف شامخة لا تهاب الردى تقول كلمة الحق مهما كان ثمنها باهظاً، تزف الشهداء الأقرب إلى روحها، فلذة كبدها أو زوجها أو أخيها أو أبيها، وتبقى واقفة كسنديانة في وجه الريح العاتية، كتف بكتف إلى جانب المقاومين بكل قوة وبسالة، تتمسك بالأرض وترفض الخنوع، دربها الشهادة في سبيل الوطن، والهدف نيل الحرية ودحر المحتل. ولعل ما جرى مع المرأة العجوز مثالاً جديداً صارخاً من الأمثلة الكثيرة الأخرى التي تؤكد أن النساء والشيوخ والأطفال اليوم باتوا هدفاً مُعلناً لآلة الحرب التي تُشنّ على الفلسطينيين في أرضهم، وهي محاولات يائسة لإسكات الصوت الصادح، ولكن يبقى صوت الحق أقوى.