الثورة-رنا بدري سلوم :
أن تستشهد فداءً لقضية وجودك، هو جوهر الوجود، لكن أن تصبح شهيداً حيّاً عاجزاً عن تقديم شيء، فهو أمر قاهر ويصعب وصفه وفهمه في آن، تلك فحوى الكلمات التي وصفها الطفل الفلسطيني أحمد أبو دقّة ذو الخمسة عشرة عاماً، الذي أصيب جرّاء الإبادة الجماعيّة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا في قطاع غزّة، إصابة أدت إلى بتر قدمه، فظهر يناشد المنظمات الإنسانيّة، باسمه وباسم أكثر من خمسة وعشرين ألف جريح ومصاب بحسب المصادر الرسميّة الفلسطينية.
يتحدث أحمد أمام وسائل الإعلام التي تغطي تفاصيل الحرب، مناشداً المجتمع الدولي قائلاً: ‘إننا شهداء أحياء نحتاج إلى المساعدة الفورية، نتألّم ونعاني ولا نزال نحلم أن نتعافى وأن تعود حياتنا إلى طبيعتها”.. المئات من مصابي العدوان الهمجي على الأحياء السكنيّة مبتوري الأيدي والأرجل، يقاومون القهر والعجز في سبيل أن تبقى أمنياتهم على قيد أمل أن ينتهي العدوان، ويوقف هذا النزيف وينتصر الدّم الذي روى أرض فلسطين الأبيّة ويعودون إلى غزّة الجريحة، يعيدون لها الحياة بعد تهجيرهم منها.
إنهم شهداء الحرب الأحياء ينزفون وجع بقائهم ومبادئهم في سبيل أن تحيا قضية لطالما ناضلوا من أجلها بالحجر والبشر وهم اليوم يقولون للعالم نحن أبطال فلسطين، نحن أبطال غزّة التي علّمت العالم دروس الرجولة والتضحية والصمود بالروح والدم. في وقت أبى الكثير من ضحايا العدوان الغاشم أن يظهروا على شاشات وسائل الإعلام، ومنهم “أم خالد” التي تقول: “نحن مش للفرجة، نحن الله معنا”، فبرأيها كانت محاولة فاشلة عرض قصص المنكوبين وذوي الشهداء على السوشيال ميديا، فهي لم توقف العدوان الهمجي على غزّة ولم تحرك ساكناً في قلب المجتمع الدولي، ولم تغير قراراً على أرض الواقع يُشعر أهل غزّة بالأمان والطمأنينة، وعلى الرغم من أن دخان الحرب يلف سماء غزة، إلا أن هناك بصيص أمل نجده في عيون الصغار قبل الكبار، وفي كل حنجرة فلسطينية صدحت فداكِ يا فلسطين فإن الله معنا.