الملحق الثقافي-غسان شمه:
أسارع إلى القول: إنني لا أقصد الذهاب إلى ما يشي به العنوان، من حيث المبدأ، من تشدد لغوي «مغلق أو مرضي» في التعامل مع لغتنا بشكل يومي، ولكن تجد نفسك، أحياناً، مدفوعاً بقوة «التهافت اللغوي» الذي تسمعه من متحدث اعتلى منبراً ثقافياً في لحظة خارجة عن المنطق الثقافي السليم..!
وأنا هنا أتحدث، على وجه الدقة، عن أولئك الذين يُقدمون، أو يقدمون أنفسهم، على أنهم من أهل المعرفة والجاه في ميدان الثقافة والإبداع الأدبي والفكري، ويتصدرون المجالس والمنتديات بأوداج منفوخة تحت تلك اللافتة، ويرتدون حلة المعرفة ليفرضوا على المستمعين من وافر خزائنهم ما فيها من ألوان ثقافية وإبداعية ونقدية غنية!.. ولكن ما إن يباشروا الكلام حتى تضع يديك على أذنيك من شدة هشاشة لغتهم العربية التي يتصدون للحديث في كتابتها الإبداعية أو النقدية، ولو ارتدوا أثواباً مزركشة ومتراكمة من المعرفة لما عرفتهم اللغة التي يحملون بها ما تجود به زوادتهم، ولما عرفهم الإبداع والنقد، لتواضع حامل قولهم اللغوي، لا ضناً بهم كأشخاص ولكن ضناً بما يجودون به من هشاشة لغوية، وأكاد أقول معرفية، يعتلون بها منابر ينبغي ألا يعتليها إلا من يمتلك القدرة على تقديم ما هو مستحق لعناء يبذله المتابعون في رحلاتهم، البعيدة أو القريبة، لحسن ظنهم لما قد يستمعون إليه من فكر أو نقد غلى ثمنه تمحيصاً وتقليباً، بلغة تقترب في بنائها، ولو قليلاً، من الإبداع الذي يحفرون في مجاهيله لتعبيد الطريق أمامه لبناء علاقة أوثق مع القارئ أو المستمع، وأخص عالم الأدب والإبداع..
ولكن لسوء الحظ تلعب العلاقات الشخصية، أحياناً، دوراً مهماً في دعوة من لا يمتلك الجدارة لاعتلاء تلك المنابر ليقيم ويحاضر. والمؤسف أن ذلك بات أوضح بعد أن كان في حده الأدنى، وهذا حديث ذو شجون أخرى..!
العدد 1172 – 19 -12 -2023