ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحريرعلي قاسم
بدأ العالم يتلمّس وبوضوح الحقائق التي أعلنتها سورية منذ بدء مهمة المبعوث الدولي، حين أكدت أن أخطر ما يهدد مهمة السيد أنان هو المسلحون وداعموهم،
وأصعب ما يواجهها النيات المبيتة وربما الأجندة السرية لكثير من الدول والأطراف والقوى التي تريد توظيف هذه المهمة لأغراض سياسية انتقامية تستهدف سورية ودورها.
هذه الحقيقة التي أثارتها الأحاديث عن الطرف الثالث، مواربة حيناً وتورية في بعض الأحيان دفعت روسيا إلى الإفصاح عن وجهتها الحقيقية وتجلياتها والأطراف التي تشكلها وصولاً إلى تحديد للمسؤوليات والمخاطر التي تترتب عليها.
وإذا كان الأمر مسلماً به من الناحية الموضوعية وبحكم الأحداث على الأرض، فإن التفاعلات السياسية ما زالت تدور في منحى ضيق لايكاد يمر في الأروقة السياسية، وطاولات الاجتماعات التي تلتئم في أغلب الأحيان لتدوير الزوايا وفق معايير الرصد والمتابعة لتطورات الوضع وحركة المراقبين وتوجهاتهم.
فمجلس الأمن الذي ينتظر أن يتلقى التقرير المكتوب الأول للمراقبين، يبدو أمام مهمة مفصلية ليس في تحديد أفق المهمة ودورها والاستراتيجيات المتبعة، لكن كي يضع الكثير من الأطراف والقوى أمام مسؤولياتها لجهة الدور الملتبس لبعض القوى داخله، والتي ما فتئت تطلق شكوكها تارة وتلقي اتهاماتها تارة أخرى في حصيلة أولية كانت نتائجها العملية تتحرك لدى أدواتها في المنطقة لإطلاق سعار مواقفها في دعم المسلحين وتمويلهم.
ولعل المشهد منذ البداية كان يحاكي تلك المقاربة بوضوح، ولم يكن يحتاج إلى كل هذا الاقتباس، حين تعاطت تلك الأدوات مع مهمة أنان بالتجاهل ثم ما لبثت أن طورته إلى هجوم على دور المراقبين وصولاً إلى استهدافهم أكثر من مرة.
وفق هذا المعيار لم تعد المسؤولية السياسية فقط في نطاق الناتج العملي من تحريض للمسلحين ودعمهم مالياً وسياسياً وإعلامياً وهو أمر محسوم بالدليل الحسّي وبالاعتراف القاطع من قبل دول عربية وإقليمية، بل تتعداها لتشمل بعض القوى داخل مجلس الأمن التي هي الأخرى عاجزة عن إنكار دورها ومسؤولياتها مع تلك الدول العربية والإقليمية وهي أصلاً ليست بوارد النفي، بل تتفاخر بمستوى الصداقة والتنسيق القائم معها وتحديداً في تأجيج الأزمة في سورية.
وبغض النظر عن محتوى التقرير واتجاهه والمعطيات التي سيخرج بها، فإن الأمر الذي لا يمكن إنكاره أو تجاهله سواء ورد أم لم يرد أن هناك من يعمل على عرقلة المهمة، بل هناك خطر داهم يهدد عمل المراقبين يتمثل في تلك المواقف، ومثلما كان الإرهاب والإرهابيون خطراً فعلياً لمسه المراقبون عن كثب وتعرفوا عليه مباشرة، فإن مواقف تلك القوى داخل مجلس الأمن لا تقل خطورة بل من ناحية المسؤولية تفوقه، لأن لها دوراً وموقعاً يستدعيان تضاعف تلك المسؤولية، دون أن ننسى الخطر الذي تمثله أدوات تلك القوى سواء كانت دولاً عربية وإقليمية أم قوى وأطرافاً مرتبطة بها مباشرة وتمارس دورها من خلال ذلك الارتباط.
لذلك بات من المحسوم أن المسؤولية ليست فقط في إطار التقسيم النظري، إنما باتت أمراً ملحاً تترجمه معطيات ووقائع، ودور مجلس الأمن لا يقتصر على الاستماع لتقرير المراقبين، بل لا بد أن يتعداه إلى مساءلة الدول والأطراف التي تهدد دورهم وتحول في أحيان كثيرة دون قيامهم بما هو مطلوب منهم.
وهو ما يمكن قراءته في تجليات الموقف الروسي، ونأمل أن نرى بعض بصماته اليوم في مجلس الأمن، بل ننتظر أن يكون هناك رسالة قوية إلى الإرهابيين، والأهم أن توجه وبشكل مباشر إلى داعميهم وحماتهم ومموليهم ورعاتهم السياسيين والإعلاميين.
أمل عريض وربما متفائل.. لكنه مشروع وملح إذا كنا نريد فعلاً أن تخرج مهمة المراقبين من الحفرة التي يجرها إليها المسلحون وداعموهم عربياً وإقليمياً ودولياً!!
a-k-67@maktoob.com