لمجرد وجود هذا الكم من الأجهزة الإلكترونية تتكاثر وتفترس كل الزوايا من حولنا، فحتماً لابد من التأكد من الوصول إلى عالم كبير من الاستهلاك اللامتناهي، مع الإشارة إلى أن كم الأجهزة قد يشير في مكان ما إلى حجم التطور والإنتاج والتواكب معه.
لكن على الصعيد المحلي، فإننا بتنا نجد عشرات الأجهزة ضمن المنزل والشارع وربما وسائل النقل ووصلت إلى الحدائق والساحات والملاعب، تتنوع من حيث التشكيلة مابين جهاز الكمبيوتر واللابتوب والموبايل والبور بنك ومدخرات الطاقة (البطاريات) والانفرتر والأمبير والطاقة الشمسية ووو، وكلها تصب نحو الحاجة لسعة في تخزين الطاقة بهدف ممارسة الحياة بشكلها الاعتيادي.
تلك الأجهزة دخلت حيز الإستهلاك في بلدنا بعد ظروف الحرب والأزمة الاقتصادية الخانقة على مختلف القطاعات وفي مقدمتها الكهرباء وأصبحت أمراً واقعاً، وضرورة حياتية ومعيشية ساهمت في ترسيخ العادات الاستهلاكية أكثر فأكثر، فكل هذه المعدات والأجهزة مستوردة ومنها مايحتاج للطاقة الكهربائية ومنها مايحتاج المشتقات النفطية، مما يعني زيادة طلب لوسائل جديدة ترفع من استهلاك مختلف أنواع الطاقات من دون أي نوع من أنواع الإنتاج.
وليس هذا فحسب بل أيضاً تتحول هذه الأجهزة فيما بعد، أو بعد فترة قصيرة(نظراً لرداءة أنواعها) إلى نفايات صلبة تحتاج بدورها نوعاً معيناً من محطات معالجة النفايات هي الأخرى لها تكاليف كبيرة لتشغيلها.
والأكثر من ذلك تكاليف وأسعار هذه الأجهزة التي لايمكن للمواطن الاستغناء عنها في ظل تقنين طويل وبالتالي، فإن جزءاً من دخله سيذهب حتماً نحو تلك الأجهزة، وأحياناً على شكل أقساط مرهقة لسنوات طويلة، أو على شكل رسوم اشتراك شهرية أو إصلاح وصيانة وكل ذلك بعد شراء هذا النوع من الأجهزة.
لا أعلم إن كان هنالك دراسة محلية لهذا النوع من الإستهلاك الذي يؤثر أيضاً على البيئة، وربما يسهم في التغيرات المناخية التي انعقد مؤخراً أكبر مؤتمر دولي لأجلها ولا أعلم إن كانت الدول المشاركة قد تطرقت لهذا النوع من الأجهزة وأثره على البيئة في الدول الأكثر استهلاكاً بسبب الحاجة لبدائل الكهرباء.
وبالتالي، ما أود قوله، فإن الأمر يتطلب توجيه النظر ومعرفة الجدوى الاقتصادية والبيئية، وتكاليف تلك الأجهزة وخاصة مايتعلق ببدائل الطاقة الكهربائية، وإن كانت تتقارب مع تكاليف تأمين مايلزم لتوليد الطاقة الكهربائية التي تعتبر بديلاً واحداً لمجموعة وسلسلة كبيرة من الأجهزة.
وعندها يمكن الانتقال لمرحلة التخلص من هذه الأجهزة التي تشكل إرهاقاً مادياً من جهة ونفسياً من جهة ثانية، فبمجرد مجيء التيار الكهربائي هنالك حالة استنفار لشحن هذه الأجهزة وتأمين الوصلة المناسبة، والتي بدورها أيضا تحتاج للتبديل نتيجة الإستهلاك، ولكم أن تتخيلوا حجم كم الأثر السلبي بالتوازي مع تأمين مصدر أرباح للشركات العالمية المصنعة لأجهزة وأدوات هدفها تأمين طاقة بديلة عن الكهرباء، ليس بالضرورة أن تكون كلها طاقة نظيفة، كما أن جزءاً كبيراً منها مستهلك للطاقة الكهربائية ولايعمل دون الشحن منها.